ولا يَستقلُّ بالتأثيرِ وحدَه دون توقُّفِ تأثيرِهِ على غيرِهِ إلَّا اللهُ الواحدُ القَهَّارُ؛ فلا ينبغي أن يُرْجى ولا يُخافَ غيرُهُ.
وهذا برهانٌ قطعيٌّ على أنَّ تعلُّق الرجاء والخوف بغيره باطلٌ؛ فإنَّه لو فُرض أنَّ ذلك سببٌ مستقلٌّ وحدَه بالتأثير لكانتْ سببيَّتُهُ من غيرِهِ لا منه، فليس لهُ من نفسِهِ قوةٌ يَفْعَلُ بها؛ فإنَّه لا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله؛ فهو الذي بيدِهِ الحَوْلُ كلُّه والقوةُ كلُّها؛ فالحولُ والقوةُ التي يُرْجى لأجلِهِما المخلوقُ ويُخافُ إنَّما هما لله وبيدِهِ في الحقيقة؛ فكيف يُخافُ ويُرْجى من لا حولَ له ولا قوة؟!
بل خوفُ المخلوقِ ورجاؤُهُ أحدُ أسبابِ الحرمانِ ونزولِ المكروهِ بمَن يرجوهُ ويخافهُ؛ فإنَّه على قَدْرِ خوفِكَ من غيرِ الله يُسَلَّطُ عليك، وعلى قَدْرِ رجائِكَ لغيرِهِ؛ يكون الحرمانُ.
وهذا حالُ الخلقِ أجمعِهِ، وإن ذهب عن أكثرهم علمًا وحالًا؛ فما شاء اللهُ كان ولا بدَّ، وما لم يشأْ لم يكن ولو اتَّفَقَتْ عليه الخليقةُ.
وأمَّا أولياؤُهُ فيُنَجِّيهم به من كُرُباتِ الدُّنيا والآخرةِ وشدائدِهما، ولذلك فَزِعَ إليه يونسُ فنجَّاهُ الله من تلك الظُّلُماتِ، وفزعَ إليه أتباعُ الرسل فنَجَوا به ممَّا عُذِّبَ به المشركون في الدُّنيا وما أُعِدَّ لهم في