للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذَكَرَ صفاتِ هذا المُلْقَى، فذَكَرَ له ستَّ صفاتٍ:

إحداها (١): أنَّه كَفَّارٌ لنِعَمِ الله وحقوقه، كفَّارٌ بديِنِه وتوحيدِهِ وأسمائِهِ وصفاتِهِ، كَفَّارٌ برُسُلِه وملائكتِهِ، كفَّارٌ بكتبِهِ ولقائِهِ.

الثانيةُ: أنه مُعانِدٌ للحقِّ بدَفْعِهِ جَحْدًا وعِنادًا.

الثالثةُ: أنه مَنَّاعٌ للخير، وهذا يَعُمُّ منعَهُ للخيرِ الذي هو إحسانٌ إلى نفسِهِ من الطاعاتِ والقُرَبِ إلى الله، والخير الذي هو إحسانٌ إلى الناس؛ فليس فيه خيرٌ لنفسِهِ ولا لبنَي جنسِهِ؛ كما هو حالُ أكثرِ الخَلْقِ.

الرابعةُ: أنه مع مَنْعِهِ للخيرِ مُعتدٍ على الناس، ظلومٌ، غَشُومٌ، مُعتدٍ عليهم بيدِهِ ولسانِهِ.

الخامسة: أنه مُرِيْبٌ؛ أي: صاحبُ رَيْبٍ وشكٍّ، ومع هذا فهو آتٍ لكلِّ رِيبةٍ، يُقال فلان مُرِيبٌ، إذا كان صاحِبَ رِيبةٍ.

السادسةُ: أنه مع ذلك مُشرِكٌ باللهِ، قد اتَّخَذَ مع الله إلهًا آخر؛ يَعبُدُه، ويُحِبُّه، ويَغضَبُ له، ويَرضى له، ويَحلِفُ باسمِهِ، وَينذُرُ له، ويُوالي فيه، ويُعادي فيه.

فيَختصِمُ هو وقرينهُ من الشياطين، ويُحِيلُ الأمرَ عليه، وأنه هو الذي أَطغاه وأَضلَّهُ، فيقولُ قرينُه: لم يكن لي قُوةٌ أن أُضِلَّهُ وأُطْغِيَهُ، ولكن كان في ضلال بعيدٍ؛ اختاره لنفسهِ، وآثَرَهُ على الحقِّ؛ كما قال إبليسُ لأهل النار: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ [إبراهيم: ٢٢]. وعلى هذا؛ فالقرينُ هنا هو شيطانُه؛ يَختصمان عند الله.


(١) الأصل: "أحدها". وهذا شائع في كتب المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>