للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه فيها. وبالجملة فغيرتُهُ تقتضي أن تكون أحوالُهُ وأعمالُهُ وأفعالُهُ كلُّها لله، وكذلك يغارُ على أوقاتِه أن يذهب منها وقتٌ في غير رِضَى محبوبِهِ.

فهذه الغيرةُ من جهةِ العبد، وهي غيرةٌ من المُزاحِم له المُعوِّقِ القاطع له عن مرضاةِ محبوبِهِ.

وأمَّا غيرَةُ محبوبه عليه؛ فهي كراهيةُ أن ينصرفَ قلبُهُ عن محبتِهِ إلى محبةِ غيره بحيث يشاركُهُ في حبِّه.

ولهذا كانت غيرةُ الله أن يأتي العبدُ ما حُرِّم عليه (١)، ولأجل غيرتهِ سبحانه حرَّم الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن (٢)؛ لأنَّ الخلقَ عبيدُهُ وإماؤُهُ؛ فهو يَغارُ على إمائِهِ كما يَغارُ السيدُ على جواريهِ، ولله المَثلُ الأعلى، ويَغارُ على عبيدِهِ أن تكون محبَّتُهم لغيرِهِ؛ بحيثُ تَحمِلُهم تلك المحبةُ على عشق الصُّور ونيل الفاحشة منها.

• من عظُمَ وَقارُ الله في قلبهِ أن يعصيَهُ؛ وَقَّرَهُ الله في قلوب الخلق أن يُذِلُّوه.

• إذا علقتْ شُروشُ (٣) المعرفة في أرض القلب؛ نبتت فيه شجرةُ المحبَّة؛ فإذا تمكَّنت وقويت أثمرت الطاعة، فلا تزالُ الشجرة ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ [إبراهيم" ٢٥].

• أولُ منازل القوم: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً


(١) كما أخرج البخاري (٥٢٢٣) ومسلم (٢٧٦١) من حديث أبي هريرة.
(٢) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (٥٢٢٠) ومسلم (٢٧٦٠) عن ابن مسعود.
(٣) هي الأصول والجذور.

<<  <  ج: ص:  >  >>