للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُهُ: ﴿غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)[الفاتحة: ٧] يتضمَّنُ بيانَ طرفَي الانحراف عن (١) الصراط المستقيم، وأنَّ الانحراف إلى أحد الطرفين انحرافٌ إلى الضَّلال الذي هو فسادُ العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطرف الآخر انحرافٌ إلى الغضب الذي سببُهُ فسادُ القصدِ والعمل.

فأولُ السورة رحمةٌ، وأوسطُها هدايةٌ، وآخرُها نعمةٌ. وحَظُّ العبدِ من النعمةِ على قَدْرِ حَظِّهِ من الهداية، وحظُّه منها على قَدْرِ حظِّه من الرحمةِ. فعادَ الأمرُ كلُّه إلى نعمتِهِ ورحمتِهِ. والنعمةُ والرحمةُ من لوازم ربوبيَّتِهِ؛ فلا يكونُ إلا رحيمًا مُنعِمًا، وذلك من موجباتِ إلهيتِهِ؛ فهو الإله الحقُ وإنْ جَحَدَهُ الجاحدونَ وعدَلَ به المشركون. فمن تحقَّق بمعاني الفاتحةِ علمًا ومعرفةً وعملًا وحالًا؛ فقد فاز من كمالِهِ بأوفرِ نصيبٍ، وصارتْ عبوديتُه عبوديَّةَ الخاصَّةِ الذين ارتفعتْ درجتُهم عن عوامِّ المتعبِّدينَ.

والله المستعان (٢).


(١) في الأصل: "إلى".
(٢) تكلم المؤلف على معاني سورة الفاتحة في "مدارج السالكين".

<<  <  ج: ص:  >  >>