للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنعيمُها ولَذَّتُها إنما يُنال بتقوى الله.

وراحةُ القلب والبدنِ وتركُ الاهتمامِ والحِرْصِ الشَّديدِ والتَّعَب والعَناءِ والكدِّ والشَّقاءِ في طلبِ الدُّنيا إنَّما يُنالُ بالإجمال في الطَّلَبِ.

فمنِ اتَّقى الله فازَ بلذَّةِ الآخرة ونعيمِها، ومن أجْمَلَ في الطَّلَب استراحَ من نَكَدِ الدُّنيا وهمومها. فالله المستعانُ.

قدْ نادتِ الدُّنيا على نَفْسِها … لَوْ كان في ذا الخَلْقِ مَنْ يَسْمَعُ

كَمْ واثِقٍ بالعيشِ أهْلَكْتُهُ … وجامِعٍ فَرَّقْتُ ما يَجْمَعُ (١)

فائدة

جَمَعَ النبيُّ بين المَأْثَم والمَغْرم (٢)؛ فإنَّ المأثَمَ يوجِبُ خسارةَ الآخرةِ، والمغرمَ يوجِبُ خسارةَ الدُّنيا.

فائدة

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: ٦٩].

عَلَّقَ سبحانَه الهدايةَ بالجهادِ؛ فأكملُ الناسِ هدايةً أعظمُهم جهادًا، وأقرضُ الجهادِ جهادُ النفس وجهادُ الهوى وجهادُ الشيطان وجهادُ الدُّنيا؛ فمنْ جاهدَ هذه الأربعةَ في الله هداه الله سُبلَ رضاهُ الموصلة إلى جنَّتِهِ، ومن تركَ الجهادَ فاتَهُ من الهُدى بحسب ما عطَّلَ من الجهاد.

قال الجنيدُ: والذين جاهدوا أهواءَهم فينا بالتوبةِ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَ


(١) البيتان لجحظة في تاريخ بغداد (٤/ ٦٦).
(٢) في الحديث الذي أخرجه البخاري (٨٣٢) ومسلم (٥٨٩) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>