وأما العوائقُ فهي أنواع المخالفات ظاهرها وباطنها؛ فإنها تَعُوق القلبَ عن سيرِه إلى الله وتقطع عليه طريقَه.
وهي ثلاثة أمورٍ: شركٌ، وبدعةٌ، ومعصيةٌ؛ فيزولُ عائقُ الشرك بتجريد التوحيد، وعائقُ البدعة بتحقيق السنة، وعائقُ المعصية بتصحيح التوبة.
وهذه العوائق لا تتبيَّنُ للعبد حتى يأخذ في أُهبة السفر ويتحقَّقَ بالسير إلى الله والدار الآخرة؛ فحينئذٍ تظهر له هذه العوائقُ ويُحِسُّ بتعويقها له بحسب قوة سيره وتجرُّده للسفر، وإلَّا فما دام قاعدًا لا تظهرُ له كوامنُها وقواطعُها.
فصل
وأما العلائقُ فهي كل ما تعلق به القلب دون الله ورسوله من ملاذِّ الدنيا وشهواتها ورئاساتها وصحبة الناس والتعلق بهم.
ولا سبيل له إلى قطع هذه الأمور الثلاثة ورفضها إلا بقوَّة التعلق بالمطلب الأعلى، وإلَّا فقطعُها عليه بدون تعلقه بمطلوبه ممتنعٌ؛ فإن النفس لا تترك مألوفها ومحبوبها إلَّا لمحبوب هو أحبُّ إليها منه وآثرُ عندها منه، وكلما قوي تعلقُه بمطلوبه ضعُفَ تعلقه بغيره، وكذا بالعكس، والتعلقُ بالمطلوب هو شدَّةُ الرغبة فيه، وذلك على قدر معرفته به وشرفه وفضله على ما سواه.
فصل
لما كمَّل الرسولُ ﷺ مقامَ الافتقار إلى الله سبحانه أحوجَ الخلائقَ