للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس شيءٌ أصعب على الإنسان من ذلك في مبادئ الأمر؛ فإنَّ نفسه وهواهُ وطبعه وشيطانه وإخوانه ومعاشريه من ذلك الجانب يدعونه إلى العاجل؛ فإذا خالفهم تَصدَّوا لحربه؛ فإن صبر وثبت جاءه العونُ من الله، وصار ذلك الصعب سهلًا، وذلك الألم لذَّةً؛ فإن الرب شكورٌ؛ فلا بدَّ أن يُذِيقَه لذَّةَ تحيُّزِه إلى الله وإلى رسوله ويُرِيَه كرامةَ ذلك؛ فيشتدَّ به سرورُه وغبطتُهُ، ويبتهج به قلبه، ويظفر بقوَّته وفرحه وسروره، ويبقَى من كان محاربًا له على ذلك بين هائبٍ له ومسالمٍ له ومساعدٍ وتارك، ويَقوَى جندهُ، ويضعُف جندُ العدوِّ.

ولا تَستصعِبْ مخالفةَ الناس والتحيُّز إلى الله ورسوله ولو كنتَ وحدك؛ فإن الله معك، وأنت بعينه وكَلاءتِه وحفظِه لك، وإنما امتحن يقينَك وصبَرك.

وأعظم الأعوان لك على هذا بعد عون الله التجردُ من الطمع والفزع؛ فمتى تجرَّدتَ منهما هان عليك التحيُّزُ إلى الله ورسوله، وكنتَ دائمًا في الجانب الذي فيه الله ورسوله، ومتى قام بك الطمع والفزعُ فلا تَطمَعْ في هذا الأمر، ولا تُحدِّثْ نفسَك به.

فإن قلتَ: فبأيِّ شيءٍ أستعينُ على التجرُّد من الطمع ومن الفزع؟ قلتُ: بالتوحيد، والتوكُّل، والثقة بالله، وعلْمِك بأنه لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلَّا هو، وأنَّ الأمر كلَّه لله ليس لأحد مع الله شيءٌ.

نصيحة

هلمَّ إلى الدُّخول على الله ومجاورته في دار السلام بلا نصبٍ ولا تعبٍ ولا عناءٍ، بل من أقرب الطُّرُقِ وأسهلها!

<<  <  ج: ص:  >  >>