خَيرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧﴾ [الشورى: ٣٦ - ٣٧]؛ فأخبر أنَّ ما عنده خيرٌ لمن آمن به وتوكَّل عليه، وهذا هو التوحيد، ثمَّ قال: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ﴾؛ فهذا اجتنابُ داعي القوة الشهوانيَّة، ثم قال: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧)﴾ [الشورى: ٣٧]؛ فهذا مخالفةُ القوة الغضبيَّة؛ فجمعَ بين التوحيد والعفَّةِ والعدل التي هي جِماعُ الخيرِ كلِّه.
فصل
هَجْرُ القرآن أنواعٌ:
أحدها: هجرُ سَماعِهِ والإيمان به والإصغاءِ إليه.
والثاني: هجرُ العملِ به والوقوفِ عند حلالِهِ وحرامِهِ، وإنْ قرأهُ وآمنَ به.
والثالث: هجرُ تحكيمِه والتحاكمِ إليه في أصول الدِّين وفروعِهِ، واعتقادُ أنَّه لا يُفِيدُ اليقينَ، وأنَّ أدلَّتهُ لفظيَّةٌ لا تحصِّلُ العلمَ.
والرابع: هجرُ تدبُّرِه وتفهُّمِه ومعرفةِ ما أراد المتكلِّمُ به منه.
والخامس: هجرُ الاستشفاءِ والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها؛ فيَطلبُ شِفاءَ دائِهِ من غيره، ويَهجُرُ التداويَ به.
وكلُّ هذا داخلٌ في قولهِ: ﴿وَقَال الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: ٣٠]، وإنْ كان بعضُ الهَجْرِ أهونَ من بعضٍ.
وكذلك الحَرَجُ الذي في الصدور منه:
فإنه تارةً يكون حرجًا من إنزالِهِ وكونِه حقًّا من عند الله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute