للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظهر في تلك الصورة ويَحُلُّ فيها! وإن كان اتحاديًّا قال: هي مظهر من مظاهر الحق، ويسميها المظاهر الجمالية!!

فصل

وقابلهم الفريقُ الثاني، فقالوا: قد ذمَّ سبحانه جمالَ الصور وتمام القامة والخلقة؛ فقال عن المنافقين: ﴿وَإِذَا رَأَيتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾ [المنافقون: ٤]، وقال: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤)[مريم: ٧٤] أي أموالًا ومناظر؛ قال الحسن: هو الصور. وفي "صحيح مسلم" (١) عنه : "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". قالوا: ومعلومٌ أنه لم يَنفِ نظرَ الإدراك، وإنما نفى نظر المحبة. قالوا: وقد حرم علينا لباس الحرير والذهب وآنية الذهب والفضة، وذلك من أعظم جمال الدنيا. وقال: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ [طه: ١٣١]. وفي الحديث: "البذاذة من الإيمان" (٢). وقد ذمَّ الله المسرفين، والسرف كما يكون في الطعام والشراب يكون في اللباس.

وفصل النزاع أن يقال: الجمال في الصورة واللباس والهيئة ثلاثة أنواع: منه ما يُحمَد، ومنه ما يُذَمّ، ومنه ما لا يتعلق به مدحٌ ولا ذمٌّ:

فالمحمود منه ما كان لله وأعان على طاعة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة له؛ كما كان النبي يتجمل للوفود (٣)، وهو نظير لباس آلة


(١) برقم (٢٥٦٤) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه أبو داود (٤١٦١) وابن ماجه (٤١١٨) والحاكم (١/ ٩) من حديث أبي أمامة.
(٣) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (٨٨٦) ومسلم (٢٠٦٨) عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>