للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشكرُ للقلب محبةً وإنابةً، وللِّسان ثناءً وحمدًا، وللجوارح طاعةً وخدمةً.

فصل

تكرَّر في القرآن جعْلُ الأعمال القائمة بالقلب والجوارح سببَ الهداية والإضلال، فيقومُ بالقلب والجوارح أعمالٌ تقتضي الهُدى اقتضاء السببِ لمسبَّبه والمؤثِّر لأثره، وكذلك الضلالُ؛ فأعمالُ البر تُثْمِرُ الهدى، وكلَّما ازداد منها ازداد هدًى، وأعمالُ الفجور بالضدِّ.

وذلك أنَّ الله سبحانه يُحِبُّ أعمال البرِّ فيجازي عليها بالهُدى والفلاح، ويُبْغِضُ أعمال الفجور ويُجازي عليها بالضَّلال والشَّقاءِ.

وأيضًا فإنه البَرُّ، ويحبُّ أهل البِرِّ، فيُقرِّبُ قلوبهم منه بحسب ما قاموا به من البر، ويُبْغِضُ الفجور وأَهله؛ فيبعدُ قلوبهم منه بحسب ما اتَّصفوا به من الفجور.

فمن الأصل الأول: قوله تعالى: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)[البقرة: ١ - ٢].

وهذا يتضمَّنُ أمرين:

أحدهما: أنَّه يَهدي به من اتَّقى مساخطَه قبل نزول الكتاب؛ فإنَّ الناس على اختلاف مللهم ونحلهم قد استقرَّ عندهم أن الله سبحانه يكره الظُّلم والفواحش (١) والفساد في الأرض ويَمقُتُ فاعلَ ذلك، ويُحبُّ العدل والإحسان والجود والصدق والإصلاح في الأرض ويُحبُّ فاعل


(١) في هامش الأصل: "والفحش".

<<  <  ج: ص:  >  >>