للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصاح به سيِّدُهُ: ما لك؟! انصرِفْ إلى شُغلك! فقال (١):

كيفَ انصرافي وَلِيْ في دارِكُمْ شُغُلُ

ثم أخذ لسانُ حالِهِ يترنَّمُ لو سمع الأطروشُ:

خليليَّ لا واللهِ ما أنا منْكُما … إذا عَلَمٌ مِنْ آلِ لَيْلَى بَدا لِيا (٢)

فلما لقيَ الرسول عارض نسخةَ الرُّهبانِ بكتابِ الأصل، فوافقَهُ. يا محمدُ! أنت تريدُ أبا طالبٍ، ونحنُ نريدُ سلمان.

أبو طالبٍ إذا سُئلَ عن اسمِهِ قال: عبدُ منافٍ. وإذا انتسبَ افْتَخَرَ بالآباءِ. وإذا ذُكِرَتِ الأموالُ عَدَّ الإبِلَ. وسلمانُ إذا سُئل عن اسمِهِ قال: عبدُ الله. وعن نسبهِ قال: ابنُ الإسلام. وعن مالِهِ قال: الفقرُ. وعن حانوتِهِ قال: المسَجدُ. وعن كَسْبهِ قال: الصبرُ. وعن لباسِهِ قال: التقوى والتواضعُ. وعن وسادِهِ قال: السهرُ. وعن فخرِهِ قال: "سلمانُ مِنَّا". وعن قصدِهِ قال: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: ٥٢]. وعن سيرهِ قال: إلى الجنة. وعن دليلِهِ في الطريق قال: إمامُ الخلق وهادي الأئمة (٣).

إذا نحنُ أدلجْنا وأنْتَ إمامُنا … كفى بالمطايا طِيْبُ ذِكراك حاديَا

وإنْ نحنُ أضللنا الطَّريق ولم نَجِدْ … دليلًا كفانا نورُ وجهِكَ هادِيَا (٤)


(١) الشطر بلا نسبة في المدهش (ص ٢١٤).
(٢) البيت للمجنون في ديوانه (ص ٢٩٨).
(٣) يشير المؤلف في هذا الفصل إلى قصة إسلام سلمان الفارسي وهي مروية في طبقات ابن سعد (٤/ ٧٥ - ٨٠) ومسند أحمد (٥/ ٤٤١ - ٤٤٤) وسيرة ابن هشام (١/ ٢١٤ - ٢٢١) والمعجم الكبير للطبراني (٦٠٦٥) وغيرها. وهي طويلة.
(٤) البيت الأول للمجنون في ديوانه (ص ٢٩٦، ٢٩٧) ولعمرو بن شأس الأسدي في =

<<  <  ج: ص:  >  >>