وبالجملة فلا يرى الحياةَ إلا به ومعه، والموت والألم والهمَّ والغمَّ والحزن إذا لم يكن معه؛ فهذا له جنتان: جنةٌ في الدنيا معجَّلةٌ، وجنةٌ يوم القيامة.
فائدة
الإنابة هي عكوف القلب على الله ﷿ كاعتكاف البدن في المسجد لا يُفارِقه.
وحقيقة ذلك عكوف القلب على محبته، وذِكْره بالإجلال والتعظيم، وعكوف الجوارح على طاعته بالإخلاص له والمتابعة لرسوله.
ومن لم يَعكُف قلبه على الله وحده عكَف على التماثيل المتنوعة؛ كما قال إمام الحنفاء لقومه: ﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢)﴾ [الأنبياء: ٥٢].
فاقتسم هو وقومه حقيقة العكوف؛ فكان حظُّ قومه العكوفَ على التماثيل، وكان حظُّه العكوفَ على الرب الجليل. والتماثيل جمع تمثال وهي الصور الممثلة.
فتعلق القلب بغير الله واشتغاله به والركون إليه عكوفٌ منه على التماثيل التي قامت بقلبه، وهو نظير العكوف على تماثيل الأصنام، ولهذا كان شرك عبّاد الأصنام بالعكوف بقلوبهم وهممهم وإراداتهم على تماثيلهم.
فإذا كان في القلب تماثيلُ قد ملكتْه واستعبدتْه بحيث يكون عاكفًا عليها؛ فهو نظير عكوف [عبَّاد] الأصنام عليها، ولهذا سماه النبي ﷺ