للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفاتيحُ كنوزِها فردَّها، وفاضَتْ على أصحابه فآثروا بها ولم يَبيعوا حظَّهم من الآخرة بها، وعلموا أنَّها مَعْبَرٌ ومَمَرٌّ لا دارُ مُقامٍ ومُستقَرّ، وأنها دارُ عبورٍ لا دارُ سُرورٍ، وأنها سحابةُ صَيفٍ تتقشَّعُ عن قليلٍ، وخيالُ طَيفٍ ما استتمَّ الزيارةَ حتى آذنَ بالرحيل.

قال النبي ﷺ: "ما لي وللدُّنيا؟ إنما أنا كراكبٍ قال في ظلِّ شجرةٍ ثُمَّ راح وتركَها" (١).

وقال: "ما الدُّنيا في الآخرة إلَّا كما يُدْخِلُ أحدُكُمْ إصْبعَهُ في اليَمِّ؛ فلينظُرْ بِمَ تَرجِعُ؟ " (٢).

وقال خالِقُها سبحانه: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)[يونس: ٢٤ - ٢٥]، فأخبر عن خِسَّة الدنيا وزَهَّدَ فيها، وأخبر عن دار السلام ودعا إليها.

وقال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ مُقْتَدِرًا (٤٥) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيرٌ أَمَلًا (٤٦)[الكهف: ٤٥ - ٤٦].


(١) أخرجه أحمد (١/ ٣٩١، ٤٤١) والترمذي (٢٣٧٧) وابن ماجه (٤١٠٩) عن ابن مسعود، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٢) أخرجه مسلم (٢٨٥٨) عن المستورد بن شداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>