للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوصول إليه ومجاورتِهِ والنظرِ إلى وجهِهِ وسماع كلامِهِ أتمَّ. وكلُّ لَذَّةٍ ونعيمٍ وسرورٍ وبهجةٍ بالإضافة إلى ذلك كقطرةٍ في بحرٍ.

فكيف يُؤْثِرُ منْ له عقلٌ لَذَّةً ضعيفةً قصيرةً مشوبةً بالآلام على لَذَّةٍ عظيمةٍ دائمةٍ أبدَ الآباد؟!

وكمالُ العبدِ بحسب هاتين القوتين: العلم والحبِّ، وأفضلُ العلم العلمُ بالله، وأعلى الحبِّ الحبُّ له، وأكملُ اللَّذَّةِ بحَسَبهما.

والله المستعان.

قاعدة

طالبُ اللَّهِ والدارِ الآخرة لا يستقيم له سَيرُه وطلبُه إلا بحَبْسَين: حبسُ قلبه في طلبه ومطلوبه، وحبسُهُ عن الالتفات إلى غيره. وحبسُ لسانه عما لا يُفيدُ، وحبسُهُ على ذِكْرِ الله وما يزيدُ في إيمانِهِ ومعرفتِهِ. وحبسُ جوارِحِه عن المعاصي والشهوات، وحبسُها على الواجبات والمندوبات. فلا يُفارِقُ الحبسَ حتى يَلْقى ربَّهُ، فيخلصُ من السجن إلى أوسع فضاءٍ وأطيبه.

ومتى لم يصبِر على هذين الحبسين وفرَّ منهما إلى فضاءِ الشهوات؛ أعْقبَهُ ذلك الحبسُ الفظيعُ عند خروجه من الدُّنيا.

فكلُّ خارجٍ من الدُّنيا: إما متخلِّصٌ من الحبس، وإما ذاهبٌ إلى الحبس.

وبالله التوفيق.

وَدَّع ابنُ عونٍ رجلًا فقال: عليك بتقوى الله؛ فإنَّ المتَّقي ليست عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>