للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِمَّتُهُ معرفةَ الاختلاف وتتبُّعَ أقوال الناس، وليسَ له هِمَّةٌ إلى معرفةِ الصحيح من تلك الأقوال، وقَلَّ أنْ ينتفعَ واحدٌ من هؤلاءِ بعلمِهِ.

• وأعلى الهِمَم في باب الإرادة أنْ تكونَ الهِمَّةُ متعلقةً بمحبة الله والوقوفِ مع مرادِهِ الدينيِّ الأمريِّ، وأسفلُها أن تكون الهمَّةُ واقفةً مع مرادِ صاحِبها من الله؛ فهو إنما يعبدُهُ لمُرادِهِ منه لا لمرادِ الله منه؛ فالأولُ يريدُ اللهَ ويريدُ مرادَهُ، والثاني يريدُ من الله وهو فارغٌ عن إرادتِهِ.

• علماءُ السَّوْءِ جلسوا على بابِ الجنَّةِ يدعونَ إليها الناسَ بأقوالِهِم ويَدْعونَهُم إلى النار بأفعالِهِم؛ فكلَّما قَالتْ أقوالُهُم للناس: هَلُمُّوا! قالتْ أفعالُهُم: لا تَسْمَعوا منهم! فلو كان ما دَعَوْا إليه حقًّا كانوا أولَ المستجيبين له! فهم في الصورة أدِلَّاءُ وفي الحقيقةِ قُطَّاعُ الطريق.

• إذا كان الله وحدَه حظَّكَ ومرادَكَ؛ فالفضلُ كلُّه تابعٌ لك يزدلِفُ إليك؛ أيَّ أنواعِهِ تبدأ به. وإذا كان حظُّكَ ما تنالُ منه فالفضلُ موقوفٌ عنك؛ لأنَّه بيدِهِ، تابعٌ له، فعلٌ من أفعالِهِ. فإذا حصل لك حصلَ لك الفضلُ بطريقِ الضِّمْنِ والتَّبَع، وإذا كان الفضلُ مقصودَك لم يَحْصُلِ الله بطريق الضِّمْنِ والتَّبَع. فإن كنتَ قد عرفتَهُ وأنِسْتَ به ثم سقطتَ إلى طلب الفضل؛ حرمَكَ إيَّاهُ عقوبةً لك، ففاتَكَ الله وفاتك الفضلُ.

فصل

لمَّا خرَجَ رسولُ الله ﷺ من حَصْرِ العدوِّ دَخَل في حُصُرِ النصر، فعبثتْ أيدي سراياهُ بالنصر في الأطراف، فطار ذِكْرُهُ في الآفاقِ، فصار الخَلْقُ معهُ ثلاثة أقسام: مؤمنٌ به، ومسالمٌ له، وخائفٌ منه.

ألقى بِذْرَ الصَّبْرِ في مزرعةِ ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>