للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى مع ذلك الإسلام والإيمان اللَّذين تعبَّد الله بهما جميعَ عباده؛ كيف انبعاثهما من الصفات المقدسة، وكيف اقتضيا الثوابَ والعقاب عاجلًا وآجلًا.

ويرى مع ذلك أنه لا يستقيم قبولُ هذا العهد والتزامُه لمن جحدَ صفاتِه وأنكر علوَّه على خلقه وتكلمه بكتبه وعهوده؛ كما لا يستقيم قبوله لمن أنكر حقيقة سمعه وبصره وحياته وإرادته وقدرته، وأن هؤلاء هم الذين ردُّوا عهدَه وأبَوا قبولَه، وأن من قبله منهم لم يقبله بجميع ما فيه. وبالله التوفيق.

فصل

خُلِق بدنُ ابنِ آدم من الأرض وروحُه من ملكوت السماء، وقُرِنَ بينهما:

فإذا أجاع بدنَه وأسهَره وأقدمه في الخدمة وجدتْ روحُه خفةً وراحة، فتاقتْ إلى الموضع الذي خُلِقتْ منه، واشتاقت إلى عالمها العلوي. وإذا أشبَعه ونعَّمه ونوَّمَه واشتغل بخدمتِه وراحتِه أخلد البدنُ إلى الموضع الذي خُلِق منه، فانجذبت الروحُ معه، فصارتْ في السجن؛ فلولا أنها ألِفت السجنَ لاستغاثتْ من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خُلِقت منه كما يستغيث المعذَّبُ.

وبالجملة فكلَّما خفَّ البدنُ لَطُفتِ الروحُ وخفَّتْ وطلبت عالمها العلوي، وكلما ثَقُل وأخلدَ إلى الشهوات والراحة ثقلتِ الروحُ وهبطتْ من عالمها وصارتْ أرضيةً سُفْليةً.

فترى الرجلَ روحُه في الرفيق الأعلى وبدنُه عندك، فيكون نائمًا على

<<  <  ج: ص:  >  >>