آخر، وإن كان الواردُ أرجحَ من النافلة فالحزمُ له الاستمرارُ في واردِهِ حتَّى يتوارى عنه؛ فإنه يفوتُ والنافلةُ لا تفوت. وهذا موضعٌ يحتاجُ إلى فضل فقهٍ في الطريق ومراتب الأعمال وتقديم الأهمِّ منها فالأهمِّ. والله الموفقُ لذلك، لا إله غيره ولا ربَّ سواهُ.
فالفخرُ والبطرُ والأشرُ والعُجْبُ والحسدُ والبغيُ والخُيَلاءُ والظُّلمُ والقسوةُ والتجبُّرُ والإعراضُ وإباءُ قبول النصيحة والاستئثارُ وطلبُ العلو وحب الجاه والرئاسة وأن يُحمَد بما لم يفعل وأمثالُ ذلك؛ كلُّها ناشئةٌ من الكبر.
وأمَّا الكذبُ والخِسَّةُ والخيانةُ والرِّياءُ والمكرُ والخديعةُ والطمع والفزعُ والجُبْنُ والبخلُ والعجزُ والكسلُ والذُّلُّ لغير الله واستبدالُ الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ ونحوُ ذلك؛ [فكلُّها] من المهانة والدَّناءة وصغر النفس.
وأمَّا الأخلاقُ الفاضلةُ؛ كالصبر والشجاعة والعدل والمروءة والعفَّة والصِّيانة والجود والحلم والعفو والصَّفْح والاحتمال والإيثار وعزَّة النفس عن الدَّناءات والتواضع والقناعة والصِّدق والإخلاص والمكافأة على الإحسان بمثله أو أفضلَ والتغافُل عن زلَّات الناس وترك الاشتغال بما لا يَعنِيه وسلامة القلب من تلك الأخلاق المذمومة ونحو ذلك؛ فكلُّها ناشئةٌ عن الخُشوع وعلوِّ الهمة.