للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطنًا ومستقرًّا، وإنما دخلْناه لنتزوَّدَ منه إلى دارِ القرارِ؛ فهو منزلُ عُبورٍ لا مستقرُّ حُبورٍ، ومَعْبرٌ ومَمرٌّ لا وطنٌ ومُستقَرٌّ.

فتضمَّنت الآيةُ الدِّلالةَ على ربوبيتِهِ ووحدانيتِهِ وقدرتِهِ وحكمتِهِ ولطفِهِ، والتذكير بِنعَمِهِ وإحسانه، والتحذير من الركونِ إلى الدُّنيا واتِّخاذِها وطنًا ومستَقرًّا، بل نُسرعُ فيها السير إلى دارِهِ وجنَّتِهِ.

فلله ما في ضمنِ هذه الآيةِ من معرفتِهِ، وتوحيدِهِ، والتذكير بِنعَمِهِ، والحَثِّ على السير إليه والاستعدادِ للقائِهِ والقدوم عليه، والإعلامِ بأنَّه سبحانَه يَطوي هذه الدارَ كأنْ لم تكنْ، وأنَّه يُحيي أهلَها بعدما أماتَهم، وإليه النُّشورُ.

فائدة

للإنسانِ قوَّتانِ: قوةٌ علميةٌ نظريةٌ، وقوةٌ عمليةٌ إراديةٌ.

وسعادتُهُ التامَّةُ موقوفةٌ على استكمال قوَّتيهِ العلميةِ والإرادية.

واستكمالُ القوةِ العلميةِ إنَّما يكونُ: بمعرفة فاطرِهِ وبارئِهِ، ومعرفةِ أسمائِه وصفاتِه وأفعالِه (١)، ومعرفة الطريق التي تُوصِلُ إليه ومعرفة آفاتِها، ومعرفةِ نفسِهِ ومعرفةِ عيوبِها؛ فبهذه المعارفِ الخمسة (٢) يحصُلُ كمالُ قوَّتِهِ العلمية، وأعلمُ الناس أعرَفُهم بها وأفقهُهم فيها.

واستكمالُ القوةِ العملية الإرادية لا يَحْصُلُ إلا بمراعاةِ حقوقِهِ سبحانَه على العبد والقيامِ بها إخلاصًا وصدقًا ونُصحًا وإحسانًا ومتابعةً


(١) "وأفعاله" ساقطة من ط.
(٢) ط: "الخمس".

<<  <  ج: ص:  >  >>