للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

الجهل بالطريق وآفاتها والمقصودِ يُوجب التعبَ الكثير مع الفائدة القليلة؛ فإن صاحبه إما أن يجتهد في نافلة مع إضاعة الفرض، أو في عمل بالجوارح لم يواطئه عمل القلب، أو عمل بالباطن والظاهر لم يتقيد بالاقتداء، أو همةٍ إلى عمل لم ترق بصاحبها إلى ملاحظة المقصود، أو عمل لم يحترز من أفاته المفسدة له حال العمل وبعده، أو عملٍ غفلَ فيه عن مشاهدة المنة فلم يتجرَّد عن مشاركة النفس فيه، أو عمل لم يشهد تقصيرهُ فيه فيقوم بعده في مقام الاعتذار منه، أو عمل لم يُوفِّه حقَّه من النصح والإحسان وهو يظنُّ أنه وفَّاه؛ فهذا كله مما ينقص الثمرة مع كثرة التعب. والله الموفق.

فصل

إذا عزم العبدُ على السفر إلى الله تعالى وإرادته عرضَتْ له الخوادع والقواطع، فينخدع أولًا بالشهوات والرئاسات والملاذِّ والمناكح والملابس. فإن وقف معها انقطع، وإن رفضها ولم يقف معها وصدق في طلبه ابتُلِي بوطء عقبه وتقبيل يده والتوسعة له في المجلس والإشارة إليه بالدعاء ورجاء بركته ونحو ذلك. فإن وقف معه انقطعَ به عن الله وكان حظّه منه، وإن قطعهُ ولم يقفْ معه ابتُلِي بالكرامات والكشوفات. فإن وقف معها انقطع بها عن الله وكانت حظه، وإن لم يقف معها ابتلي بالتجريد والتخلي ولذة الجمعية وعزة الموحدة والفراغ من الدنيا. فإن وقف مع ذلك انقطع به عن المقصود، وإن لم يقف معه وسار ناظرًا إلى مراد الله منه وما يحبه منه؛ بحيث يكون عبده الموقوف على محابِّه ومراضيه أين كانت وكيف كانت؛ تعبَ بها أو استراح،

<<  <  ج: ص:  >  >>