للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ليس العجبُ من قوله: ﴿يُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤]، إنما العجبُ من قوله: ﴿يُحِبُّهُمْ﴾ [المائدة: ٥٤].

• ليس العجبُ من فقيرٍ مسكين يُحِبُّ محسنًا إليه، إنما العجبُ من محسنٍ يحبُّ فقيرًا مسكينًا.

فصل

القرآنُ كلامُ الله، وقد تجلَّى الله فيه لعبادِهِ بصفاتِهِ:

فتارةً يتجلَّى في جلباب الهيبة والعظمة والجلال، فتَخْضَعُ الأعناقُ، وتَنكسرُ النفوسُ، وتَخْشَعُ الأصواتُ، ويذوبُ الكبرُ كما يذوب الملحُ في الماء.

وتارةً يتجلَّى في صفات الجمال والكمال، وهو كمالُ الأسماء وجمال الصفات وجمالُ الأفعال الدالُّ على كمال الذات، فيَستنفِدُ حُبُّه من قلب العبد قُوَّة الحبِّ كلها بحسب ما عرفه من صفات جماله ونعوت كماله، فيُصبِح فؤادُ عبدِه فارغًا إلا من محبَّتِهِ، فإذا أراد منه الغيرُ أن يعلق تلك المحبة به؛ أبَى قلبُهُ وأحشاؤُهُ ذلك كلَّ الإباء؛ كما قيل:

يُرادُ من القلب نسيانُكُم … وتأبى الطِّباعُ على النَّاقِلِ (١)

فتبقى المحبةُ له طبعًا لا تكلُّفًا.

وإذا تجلَّى بصفات الرحمة والبرِّ واللطف والإحسان انبعثتْ قوةُ الرجاء من العبد، وانبسط أملُهُ، وقويَ طمَعُهُ، وسار إلى ربِّهِ وحادي الرجاء يحدو ركابَ سيره، وكلَّما قوي الرجاءُ جَدَّ في العمل؛ كما أنَّ


(١) البيت للمتنبي في ديوانه (٣/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>