وسيلةٌ بصفاتِهِ وأفعالِهِ التي هي مدلولُ أسمائِهِ.
• وقولُهُ:"أنْ تجعل القُرْان ربيعَ قلبي ونورَ صدري": الربيعُ: المطرُ الذي يُحيي الأرض؛ شبَّه القرآن به لحياة القلوب به، وكذلك شبَّهَهُ الله بالمطر، وجمع بين الماء الذي تحصُلُ به الحياةُ والنور الذي تحصل به الإضاءة والإشراق؛ كما جمع بينهما سبحانه في قوله: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ﴾ [الرعد: ١٧]. وفي قوله: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ [البقرة: ١٧]، ثم قال: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩]. وفي قوله: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ﴾ الآيات [النور: ٣٥]. ثم قال: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ﴾ الآية [النور: ٤٣]. فتضمَّنَ الدعاءُ أن يُحيي قلبه بربيع القرآن وأن يُنَوِّرَ به صدرهُ فتجتمع له الحياةُ والنورُ؛ قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ١٢٢].
ولما كان الصدرُ أوسع من القلب؛ كان النورُ الحاصلُ له يَسرِي منهُ إلى القلب؛ لأنَّه قد حصل لما هو أوسعُ منه.
ولما كانتْ حياةُ البدنِ والجوارح كلِّها بحياة القلب، تَسرِي الحياةُ منه إلى الصدرِ ثم إلى الجوارح؛ سألَ الحياة له بالربيع الذي هو مادتُها.
ولما كان الحُزْنُ والهمُّ والغمُّ يُضادُّ حياة القلبِ واستنارتَهُ؛ سألَ أن يكون ذَهابُها بالقرآن؛ فإنَّها أحرى أن لا تعود، وأما إذا ذَهبتْ بغير القرآن من صحةٍ أو دنيا أو جاهٍ أو زوجةٍ أو ولدٍ؛ فإنَّها تعودُ بذهاب ذلك.
والمكروه الواردُ على القلب: إن كان من أمرٍ ماضٍ؛ أحدث