للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنعَّم أو تألم، أخرجتْه إلى الناس أو عزلتْه عنهم، لا يختار لنفسه غيرَ ما يختاره له وليُّه وسيدُه، واقفٌ مع أمره ينفذه بحسب الإمكان، ونفسه عنده أهونُ عليه أن يُقدِّم راحتَها ولذَّتها على مرضاة سيده وأمرِه؛ فهذا هو العبد الذي قد وصل ونفذ ولم يقطعه عن سيده شيءٌ البتة. وبالله التوفيق.

فصل

النعم ثلاثةٌ: نعمة حاصلة يعلم بها العبد، ونعمةٌ منتظرةٌ يرجوها، ونعمةٌ هو فيها لا يَشعُر بها.

فإذا أراد الله إتمام نعمته على عبده عرَّفَه نعمتَه الحاضرة وأعطاه من شكره قيدًا يُقيِّدُها به حتى لا تَشرُد؛ فإنها تَشرد بالمعصية وتُقيَّدُ بالشكر. ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة، وبصَّره بالطرق التي تسُدُّها وتقطع طريقها ووفَّقه لاجتنابها، وإذا بها قد وافتْ إليه على أتم الوجوه. وعرَّفه النعمَ التي هو فيها ولا يشعر بها.

ويُحكى أن أعرابيًّا دخل على الرشيد، فقال: أمير المؤمنين! ثبَّتَ الله عليك النعمَ التي أنت فيها بإدامة شكرها، وحقَّق لك النعمَ التي ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته، وعرَّفك النعمَ التي أنت فيها ولا تَعرِفها لتشكرها. فأعجبه ذلك منه وقال: ما أحسنَ تقسيمَه!

قاعدة جليلة

مبدأُ كل علم نظري وعمل اختياري هو الخواطر والأفكار؛ فإنها توجب التصورات، والتصورات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوعَ الفعل، وكثرةُ تكراره تعطي العادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>