فيها، بل تكون عزيمةً لا يشوبها ترددٌ ولا تلوُّمٌ. فإذا صدقتْ عزيمتُه بقي عليه صدق الفعل، وهو استفراغُ الوسع وبذل الجهد فيه، وأن لا يتخلف عنه بشيءٍ من ظاهره وباطنه. فعزيمةُ القصد تمنعه من ضعف الإرادة والهمة، وصدق الفعل يمنعه من الكسل والفتور.
ومن صَدَقَ اللَّهَ في جميع أموره صنعَ الله له فوق ما يصنع لغيره.
وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الإخلاص وصدق التوكل؛ فأصدق الناس من صح إخلاصه وتوكله.
فائدة جليلة في القدر
ربٌّ ذو إرادة أمر عبدًا ذا إرادة:
فإن وفقه أراد من نفسه أن يُعِينه ويُلهِمه فعلَ ما أمر به.
وإن خَذلَه خلَّاه وإرادته ونفسه، وهو من هذه الحيثية لا يختار إلا ما تهواه نفسه وطبعُه؛ فهو من حيث هو إنسانٌ لا يريد إلا ذلك، ولذلك ذمَّه الله في كتابه من هذه الحيثية، ولم يمدحه إلا بأمر زائدٍ على تلك الحيثية، وهو كونه مسلمًا ومؤمنًا وصابرًا ومحسنًا وشكورًا وتقيًّا وبرًّا ونحو ذلك، وهذا أمرٌ زائدٌ على مجرد كونه إنسانًا وإرادته صالحة، لكن لا يكفي مجرد صلاحيتها إن لم تؤيَّد بقدر زائد على ذلك، وهو التوفيق؛ كما أنه لا يكفي في الرؤية مجرد صلاحية العين للإدراك إن لم يَحصُلْ سببٌ آخر من النور المنفصل عنها.
فصل
من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير لك من الناس وقلبُك خالٍ من تعظيم الله وتوقيره؛ فإنك تُوقِّر المخلوقَ وتُجِلُّه أن يراك