للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا تكامل نصرُهُ، وبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وجاءه منشورُ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣)[الفتح: ١ - ٣]، وبعده توقيعُ ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)[النصر: ١ - ٢]؛ جاءَهُ رسولُ ربِّه يُخيِّرُهُ بين المُقام في الدُّنيا وبين لقائِهِ، فاختار لقاءَ ربِّه شوقًا إليه (١)، فتزيَّنَتِ الجِنانُ ليوم قدوم روحِهِ الكريمةِ لا كزينةِ المدينة يوم قدوم الملِكِ. إذا كان عرشُ الرحمن قد اهتزَّ لموتِ بعض أتباعِهِ (٢) فرحًا واستبْشارًا بقُدوم روحِهِ؛ فكيف بقُدوم رُوح سيدِ الخلائقِ؟!

فيا منتسبًا إلى غير هذا الجناب! ويا واقفًا بغير هذا الباب!

ستعلمُ يومَ الحشرِ أيَّ سَريرةٍ … تكونُ عليها يومَ تُبلَى السَّرائرُ

فصل

• يا مغرورًا بالأماني! لُعِنَ إبليسُ وأُهْبطَ من منزل العزِّ بتَرْكِ سجدةٍ واحدةٍ أُمِر بها، وأخْرَجَ آدم من الجنَّةِ بلُقمةٍ تناوَلَها، وحَجَبَ القاتل عنها بعد أن رآها عيانًا بملءِ كفٍّ من دم، وأمرَ بقتل الزَّاني أشنعَ القِتْلاتِ بإيلاج قَدْرِ الأُنْمُلَةِ فيما لا يَحِلُّ، وأمَرَ بإيساع الظَّهْرِ سياطًا بكلمةِ قذفٍ أو بقطرةٍ من مُسْكِرٍ، وأبانَ عُضوًا من أعضائكَ بثلاثةِ دراهم؛ فلا تأمَنْهُ أن يَحبِسَكَ في النارِ بمعصيةٍ واحدةٍ من معاصيهِ؛ ﴿وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥)


(١) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (٤٤٦٣) ومسلم (٢٤٤٤) عن عائشة.
(٢) هو سعد بن معاذ، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (٣٨٠٣) ومسلم (٢٤٦٦) عن جابر بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>