القيام بالأوامر ظاهرًا وباطنًا ناله اللطف ظاهرًا وباطنًا، وإن قام بصُوَرها دون حقائقها وبواطنها ناله اللطف في الظاهر وقلَّ نصيبُه من اللطف في الباطن.
فإن قلت: وما اللطف الباطن؟
فهو ما يحصُلُ للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة وزوال القلق والاضطراب والجزع، فيَستخذِي بين يدي سيده ذليلًا له مستكينًا ناظرًا إليه بقلبه ساكنًا إليه بروحه وسِرِّه، وقد شَغَله مشاهدةُ لطفه به عن شدة ما هو فيه من الألم، وقد غيَّبه عن شهود ذلك معرفتُه بحسن اختياره له وأنه عبدٌ محضٌ يُجرِي عليه سيدُه أحكامَه رضي أو سخط؛ فإن رضي نال الرضى، وإن سخط فحظُّه السخط.
فهذا اللطف الباطن ثمرة تلك المعاملة الباطنة؛ يزيد بزيادتها، وينقص بنقصانها.
فائدة جليلة
لا يزال العبدُ منقطعًا عن الله حتى تتصل إرادته ومحبته بوجهه الأعلى.
والمراد بهذا الاتصال: أن تُفضيَ المحبةُ إليه وتتعلق به وحده، فلا يَحجُبها شيءٌ دونه، وأن تتصل المعرفة بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ فلا يَطمِس نورَها ظلمةُ التعطيل؛ كما لا يَطمِس نورَ المحبة ظلمةُ الشرك، وأن يتصل ذكره به سبحانه؛ فيزول بين الذاكر والمذكور حجابُ الغفلة والتفاتُه في حال الذكر إلى غير مذكوره؛ فحينئذٍ: