ذلك؛ فلما نزل الكتابُ أثاب سبحانه أهل البرِّ بأن وَفَّقَهم للإيمان به جزاءً لهم على برِّهم وطاعتِهِم، وخذل أهل الفجورِ والفُحْش والظُّلم بأنْ حال بينهم وبين الاهتداء به.
والأمرُ الثاني: أنَّ العبد إذا آمن بالكتاب واهتدى به مجملًا وقَبِلَ أوامرهُ وصدَّق بأخباره؛ كان ذلك سببًا لهدايةٍ أُخرى تحصُلُ له على التفصيل؛ فإنَّ الهداية لا نهاية لها، ولو بلغ العبدُ فيها ما بلغ؛ ففوق هدايته هدايةٌ أخرى، وفوق تلك الهداية هدايةٌ أخرى إلى غير غاية؛ فكلما اتَّقى العبد ربَّهُ ارتقى إلى هداية أخرى؛ فهو في مزيد هداية ما دام في مزيد من التَّقْوى، وكلَّما فوَّتَ حظًّا من التقوى فاته حظٌّ من الهداية بحسبه؛ فكلَّما اتَّقى زاد هداه، وكلما اهتدى زادت تقواه.