للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظيرُ هذا قولُه: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ [مريم: ٧٦].

وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال: ٢٩]، ومن الفُرقان: ما يُعطيهم من النُّور الذي يُفرِّقون به بين الحقِّ والباطل، والنصر والعزِّ الذي يتمكنون به من إقامة الحقِّ وكسر الباطل؛ فُسِّرَ الفرقان بهذا وهذا.

وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩)[سبأ: ٩].

وقال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١)﴾ في: سورة لقمان [٣١]، وسورة إبراهيم [٥]، وسبأ [١٩]، والشورى [٣٣]؛ فأخبر عن آياته المشهودة العيانية أنها إنما ينتفع بها أهلُ الصبر والشُّكر؛ كما أخبر عن آياته الإيمانية القرآنية أنها إنما ينتفع بها أهل التقوى والخشية والإنابة ومن كان قصده اتباع رضوانه، وأنها إنما يتذكرُ بها من يخشاهُ سبحانه؛ كما قال: ﴿طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٣)[طه: ١ - ٣].

وقال في الساعة: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)[النازعات: ٤٥]، وأما من لا يؤمن بها ولا يرجوها ولا يخشاها؛ فلا تنفعه الآياتُ العيانيَّةُ ولا القرآنيةُ.

ولهذا لما ذكر سبحانه في سورة هود عقوبات الأمم المكذِّبين للرسل وما حلَّ بهم في الدُّنيا من الخزي؛ قال بعد ذلك: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ﴾ [هود: ١٠٣]، فأخبر أن في عقوباته للمكذبين عبرة لمن خاف عذاب الآخرة، وأما من لا يؤمن بها ولا يخاف عذابها؛ فلا يكون ذلك عبرة وآية في حقه، وإذا سمع ذلك قال: لم يزل في الدهر الخير والشر والنعيم والبؤس والسعادة والشقاوةُ!! وربما أحال ذلك على

<<  <  ج: ص:  >  >>