للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خَوَّفهم بأن يُصيبهم من الهلاك ما أصاب من قبْلَهم، وأنَّهم كانوا أشدَّ منهم بَطْشَا ولم يَدْفَعْ عنهم الهلاك شدةُ بطشِهم، وأنَّهم عند الهلاكِ تقلَّبوا وطافوا في البلاد، هل يَجِدون مَحِيْصًا ومَنجًى من عذاب الله؟! قال قَتادةُ: حَاصَ أعداءُ الله فوجدوا أمر الله لهم مُدرِكًا. وقال الزَّجَّاجُ (١): طوَّفوا وفَتَّشوا فلم يَرَوا مَحِيصًا من الموتِ. وحقيقةُ ذلك أنهم طلبوا المَهْربَ من الموتِ فلم يَجِدوه.

ثم أخبر سبحانَه أنَّ في هذا الذي ذُكِرَ ذِكرى ﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)[ق: ٣٧].

ثم أخبر أنَّه خَلَقَ السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ولم يَمَسَّهُ من تَعَبٍ ولا إعياءٍ؛ تكذيبًا لأعدائِهِ من اليهودِ؛ حيثُ قالوا: إنه استراح في اليوم السابع!!

ثم أمرَ نبيَّهُ بالتأسِّي به سبحانَه في الصبرِ على ما يقولُ أعداؤُه فيه؛ كما أنَّه سبحانه صبَرَ على قول اليهود: إنَّه استراح! ولا أحدَ أصْبَرُ على أذًى يَسْمَعُهُ منه (٢).

ثم أمَرَهُ بما يَستعينُ به على الصبر، وهو التسبيحُ بحمدِ ربِّه قبلَ طلوع الشمس وقبلَ غروبِها وبالليل وأدبارَ السُّجود: فقيل: هو الوِتْرُ. وقيل: الركعتان بعد المغرب. والأولُ قولُ ابن عباس، والثاني قولُ عمر وعليٍّ وأبي هريرة والحسن بن عليٍّ وإحدى الروايتينِ عن ابن عباس.


(١) في "معاني القرآن وإعرابه" (٥/ ٤٨).
(٢) هذا لفظ حديث أخرجه البخاري (٦٠٩٩) ومسلم (٢٨٠٤) عن أبي موسى الأشعري.

<<  <  ج: ص:  >  >>