• العبدُ لا يريدُ بمعصيته مخالفة سيِّدِهِ ولا الجرأةَ على محارِمِهِ. ولكنْ غلباتُ الطبع وتزيينُ النفس والشيطان وقهرُ الهوى والثقةُ بالعفو ورجاءُ المغفرة. هذا من جانب العبد. وأمَّا من جانب الرُّبوبيَّةِ فجريانُ الحكم، وإظهارُ عزِّ الربوبيَّةِ وذلِّ العبوديَّةِ وكمال الاحتياج، وظُهورُ آثارِ الأسماءِ الحُسنى؛ كالعفوِّ والغفورِ والتوَّاب والحليم لمنْ جاء تائبًا نادمًا، والمنتقم والعَدْل وذي البطش الشديدِ لمَنْ أصَرَّ ولَزِمَ المعرَّة؛ فهو سبحانه يريدُ أن يُرِيَ عبدَه تفرُّدَه بالكمال ونقص العبدِ وحاجتَهُ إليه، ويُشْهِدَهُ كمال قدرتِهِ وعزَّتِهِ، وكمال مغفرتهِ وعفوهِ ورحمتِهِ، وكمال بِرِّهِ وسَتْرِهِ وحِلْمِهِ وتجاوزِهِ وصَفْحِه، وأن رحمته به إحسانٌ إليه لا معارضة، وأنه إن لم يتغمدْهُ برحمته وفضله؛ فهو هالكٌ لا محالةَ.
فلله! كم في تقدير الذنب من حكمةٍ! وكم فيه مع تحقق التوبة للعبد من مصلحة ورحمةٍ! التوبةُ من الذنب كشُرْبِ الدواءِ للعليل، ورُبَّ عِلّةٍ كانت سببَ الصحة!