للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا كان أكملُ الناسِ حياةً أكملَهم استجابةً لدعوة الرسول؛ فإنَّ كلَّ ما دعا إليه ففيه الحياةُ، فمن فاتَه جزءٌ منه فاتَه جزءٌ من الحياة، وفيه من الحياة بحسبِ ما استجابَ للرسول.

قال مجاهدٌ: ﴿لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ يعني: للحقِّ.

وقال قتادةُ: هو هذا القرآنُ، فيه الحياةُ والنجاةُ والعصمةُ في الدُّنيا والآخرة.

وقال السُّدِّيُّ: هو الإسلامُ؛ أحياهُم به بعد موتهم بالكفر.

وقال ابنُ إسحاق وعُروةُ بن الزبير -واللفظ لهُ-: ﴿لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾؛ يعني: للحرب التي أعزَّكُمُ الله بها بعدَ الذُّلِّ، وقَوَّاكم بعد الضَّعْفِ، ومنعكم بها من عدُوِّكم بعد القهر منهم لكم.

وهذه كلُّها عباراتٌ عن حقيقةٍ واحدة، وهي القيام بما جاء به الرسولُ ظاهرًا وباطنًا.

قال الواحديُّ (١): والأكثرون على أنَّ معنى قوله: ﴿لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾: هو الجهادُ، وهو قولُ ابن إسحاق واختيارُ أكثرِ أهل المعاني.

قال الفرَّاءُ (٢): إذا دَعاكُم إلى إحياءِ أمركم بجهادِ عدوِّكُم. يريد أن أمرهم إنما يَقوَى بالحرب والجهاد؛ فلو تركوا الجهادَ ضعُف أمرُهم، واجترأ عليهم عدوُّهم.


(١) الأقوال السابقة ذكرها الواحدي في "الوسيط" (٢/ ٤٥٢).
(٢) في "معاني القرآن" (١/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>