للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقال لي شيخُنا مرَّةً في وصف هؤلاء: إنهم طافوا على أرباب المذاهب ففازوا بأخسِّ المطالب، ويكفيك دليلًا على أن هذا الذي عندهم ليس من عند الله ما ترى فيه من التناقض والاختلاف ومصادمة بعضه لبعض، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)[النساء: ٨٢]، وهذا يدُلُّ على أن ما كان من عنده سبحانه لا يختلفُ، وأنَّ ما اختلف وتناقض فليس من عنده.

وكيف تكونُ الآراءُ والخيالاتُ وسوانحُ الأفكار دينًا يُدانُ به ويُحكَم به على الله ورسوله؟! سبحانك هذا بهتانٌ عظيمٌ!

وقد كان علمُ الصحابة الذي يتذاكرون فيه غيرَ علومِ هؤلاء المختلفين الخرَّاصين؛ كما حكى الحاكمُ في ترجمة أبي عبد الله البخاري؛ قال: كان أصحابُ رسول الله Object إذا اجتمعوا إنما يتذاكرون كتاب ربهم وسنة نبيِّهم، ليس بينهم رأيٌ ولا قياسٌ.

ولقد أحسن القائلُ (١):

العِلْمُ قال الله قال رسولُهُ … قال الصَّحابةُ ليْسَ بالتَّمويهِ

ما العِلْمُ نَصْبَكَ للخِلافِ سَفاهةً … بَين الرَّسولِ وبَيْنَ رأي فَقيهِ

كلَّا ولا جَحْدَ الصِّفاتِ ونَفْيَها … حَذرًا مِنَ التَّمْثيلِ والتَّشْبيهِ


(١) هي خمسة أبيات لبعض أهل العلم في "أعلام الموقعين" (١/ ٧٩). ومنها بيتان نُسِبا للذهبي في الوافي بالوفيات (٢/ ١٦٦) وفوات الوفيات (٣/ ٣١٧) والروض الباسم (١/ ١١) والرد الوافر (ص ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>