بعضُهم قول بعض، الذين هم كما قال عمرُ بن الخطاب والإمام أحمدُ: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متَّفقون على مفارقةِ الكتاب.
وآخرون عندهم الإيمانُ عبادةُ الله بحُكْمِ أذواقِهم ومواجيدِهم وما تهواه نفوسهم من غير تقييد بما جاء به الرسولُ.
وآخرون الإيمان عندهم ما وجدوا عليه آباءهم وأسلافهم بحكم الاتفاق كائنًا ما كان، بل إيمانهم مبنيٌّ على مقدِّمتين: إحداهما: أن هذا قولُ أسلافنا وآبائنا. والثانية: أن ما قالوه فهو الحقُّ.
وآخرون عندهم الإيمان التجرُّدُ من الدُّنيا وعلائقها وتفريغ القلب منها والزُّهد فيها؛ فإذا رأوا رجلًا هكذا جعلوه من سادات أهل الإيمان، وإن كان منسلخًا من الإيمان علمًا وعملًا.
وأعلى من هؤلاء من جعل الإيمانَ هو مجرد العلم وإن لم يُقارِنْه عملٌ.
وكلُّ هؤلاء لم يَعرِفوا حقيقةَ الإيمان ولا قاموا به ولا قام بهم.
وهم أنواعٌ: منهم من جعل الإيمانَ ما يضادُّ الإيمانَ، ومنهم من جعل الإيمان ما لا يُعتبرُ في الإيمان، ومنهم من جعله ما هو شرطٌ فيه ولا يكفي في حصوله، ومنهم من اشترط في ثبوته ما يُناقِضُه ويُضادُّه، ومنهم من اشترط فيه ما ليس منه بوجه.