مفصلةً، وعاقبة هؤلاء مفصلة وعاقبة هؤلاء مفصلة، وأعمال هؤلاء وأعمال هؤلاء، وأولياء هؤلاء وأولياء هؤلاء، وخذلانه لهؤلاء وتوفيقه لهؤلاء، والأسباب التي وفَّق بها هؤلاء والأسباب التي خَذَل بها هؤلاء، وجلَّى سبحانه الأمرين في كتابه وكشَفَهما وأوضحَهما وبينهما غاية البيان، حتى شاهدتْهما البصائرُ كمشاهدة الأبصار للضياء والظلام.
فالعالمون بالله وكتابه ودينه عَرفوا سبيلَ المؤمنين معرفةً تفصيليةً وسبيلَ المجرمين معرفةً تفصيليةً، فاستبانتْ لهم السبيلانِ كما يستبين للسالك الطريقُ الموصلُ إلى مقصوده والطريقُ الموصلُ إلى الهلكة؛ فهؤلاء أعلم الخلق، وأنفعهم للناس، وأنصحهم لهم، وهم الأَدِلَّاءُ الهداةُ.
وبذلك برَّزَ الصحابةُ على جميع من أتى بعدهم إلى يوم القيامة؛ فإنهم نشؤوا في سبيل الضلال والكفر والشرك والسُّبُل الموصلة إلى الهلاك، وعرفوها مفصلة، ثم جاءهم الرسولُ، فأخرجهم من تلك الظُّلُمات إلى سبيل الهُدى وصراط الله المستقيم، فخرجوا من الظُّلمة الشديدة إلى النور التامِّ، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الجهل إلى العلم، ومن الغيِّ إلى الرشاد، ومن الظُّلْم إلى العدل، ومن الحيرة والعمى إلى الهُدى والبصائر، فعرفوا مقدارَ ما نالوه وظفروا به ومقدارَ ما كانوا فيه؛ فإنَّ الضِّدَّ يُظهِرُ حُسْنَه الضِّدُّ، وإنما تتبينُ الأشياءُ بأضدادها، فازدادوا رغبةً ومحبة فيما انتقلوا إليه، ونفرةً وبُغضًا لما انتقلوا عنه، وكانوا أحبَّ الناس في التوحيد والإيمان والإسلام، وأبغضَ الناس في ضدِّه، عالمين بالسبيل على التفصيل.
وأما من جاء بعد الصحابة؛ فمنهم من نشأ في الإسلام غيرَ عالمٍ تفصيلَ ضدِّه، فالتبس عليه بعضُ تفاصيل سبيل المؤمنين بسبيل