للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومطلوبٌ إعدامه لمضادته المأمورَ به، وهو المنهي عنه؛ لما فيه من المفسدة المضادة للمأمور به. فإذا لم يَخطُرْ ببال المكلف، ولا دعتْه نفسُه إليه، بل استمر على العدم الأصلي؛ لم يُثَبْ على تركه. وإن خطر بباله، وكفَّ نفسه عنه لله، وتركه اختيارًا؛ أُثيب على كف نفسه وامتناعه؛ فإنه فعل وجوديٌّ، والثواب إنما يقع على الأمر الوجودي دون العدم المحض. وإن تركه مع عزمه الجازم على فعله، لكن تركه عجزًا؛ فهذا وإن لم يُعاقَب عقوبةَ الفاعل، لكن يُعاقَب على عزمه وإرادته الجازمة التي إنما تخلَّف مرادُها عجزًا.

وقد دلت على ذلك النصوص الكثيرة؛ فلا يُلتَفت إلى ما خالفها:

كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٨٤].

وقوله في كاتم الشهادة: ﴿فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣].

وقوله: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥].

وقوله: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)[الطارق: ٩].

وقول النبي : "إذا تواجهَ المسلمانِ بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار". قالوا: هذا القاتل؛ فما بال المقتول؟! قال: "إنه أراد قتل صاحبه" (١).

وقوله في الحديث الآخر: "ورجل قال: لو أن لي مالًا؛ لعمِلْتُ بعمل فلان؛ فهو بنيته، وهما في الوِزر سواءٌ" (٢).


(١) أخرجه البخاري (٣١) ومسلم (٢٨٨٨) عن أبي بكرة.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٣١) والترمذي (٢٣٢٥) عن أبي كبشة. وللحديث طرق =

<<  <  ج: ص:  >  >>