للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ١١٠]؛ فأخبر أنه عاقبهم على تخلفهم عن الإيمان لما جاءهم وعرفوه وأعرضوا عنه، بأن قلَّب أفئدتَهم وأبصارهم وحال بينهم وبين الإيمان؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَينَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ [الأنفال: ٢٤]؛ فأمرهم بالاستجابة له ولرسوله حين يدعوهم إلى ما فيه حياتُهم، ثم حذَّرهم من التخلُّف والتأخُّر عن الاستجابة الذي يكون سببًا لأن يحول بينهم وبين قلوبهم؛ وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٥)[الصف: ٥].

وقال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)[المطففين: ١٤]؛ فأخبر سبحانه أن كسبهم غطَّى على قلوبهم وحال بينها وبين الإيمان بآياته، فقالوا: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣)[المطففين: ١٣].

وقال تعالى في المنافقين: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم﴾ [التوبة: ٦٧]؛ فجازاهم على نسيانهم له أن نَسِيَهم فلم يذكرهم بالهدى والرحمة، وأخبر أنه أنساهم أنفسهم (١)، فلم يطلبوا كمالها بالعلم النافع والعمل الصالح، وهما الهدى ودين الحق، فأنساهم طلبَ ذلك ومحبته ومعرفته والحرصَ عليه عقوبةً لنسيانهم له.

وقال تعالى في حقهم: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)[محمد: ١٦ - ١٧]، فجمع لهم بين اتباع الهوى والضلال الذي هو ثمرته وموجبه كما جمع


(١) في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ [الحشر: ١٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>