وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)﴾، ثم أعاد سبحانه ذكرهما فقال: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: ٥٧ - ٥٨،]، وقد تنوَّعت عبارات السلف في تفسير الفضل والرحمة (١)، والصحيح أنهما الهدى والنعمة؛ ففضله هداه، ورحمته نعمتُه، ولذلك يقرن بين الهدى والنعمة.
كقوله في سورة الفاتحة: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ﴾ [الفاتحة: ٦ - ٧].
ومن ذلك قوله لنبيه يذكره بنعمه عليه: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)﴾ [الضحى: ٦ - ٨]؛ فجمع له بين هدايته له وإنعامه عليه بإيوائه وإغنائه.
ومن ذلك قول نوح: ﴿يَاقَوْمِ أَرَأَيتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ﴾ [هود: ٢٨].
وقولُ شعيبٍ: ﴿أَرَأَيتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ [هود: ٨٨].
وقال عن الخضر: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَينَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (٦٥)﴾ [الكهف: ٦٥].
وقال لرسوله: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣)﴾ [الفتح: ١ - ٣].
وقال: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
(١) انظر تفسير الطبري (١٢/ ١٩٤ وما بعدها) والدر المنثور (٧/ ٦٦٧ وما بعدها).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute