قال الحسن: لقد دخلوا النار وإنَّ حمدهُ لفي قلوبهم ما وجدوا عليه حجة ولا سبيلا.
ولهذا قال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٤٥)﴾ [الأنعام: ٤٥]؛ فهذه الجملة في موضع الحال؛ أي قُطِع دابرهم حالَ كونه سبحانه محمودًا على ذلك، فقُطِعَ دابرُهم قطعًا مصاحبًا لحمده؛ فهو قطع وإهلاكٌ يُحمَد عليه الرب تعالى لكمال حكمته وعدله ووَضْعِه العقوبةَ في موضعها الذي لا يليق به غيرها، فوضعها في الموضع الذي يقول من علم الحال: لا تليق العقوبة إلا بهذا المحل، ولا يليق به إلا العقوبة.
ولهذا قال عقيب إخباره عن الحكم بين عباده ومصير أهل السعادة إلى الجنة وأهل الشقاء إلى النار: ﴿وَقُضِيَ بَينَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٧٥)﴾ [الزمر: ٧٥]، فحذف فاعل القول إشعارًا بالعموم وأن الكون كله قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٧٥)﴾ لما شاهدوا من حكمة الحقِّ وعدله وفضله، ولهذا قال في حق أهل النار: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ﴾ [الزمر: ٧٢]، كأن الكون كلُّه يقول ذلك، حتى تقوله أعضاؤهم وأرواحهم وأرضهم وسماؤُهم.
وهو سبحانه يخبر أنه إذا أهلك أعداءه أنجى أولياءه، ولا يَعمُّهم بالهلاك بمحض المشيئة.
ولما سأله نوح نجاةَ ابنه أخبر أنه يُغرِقه بسوء عمله وكفرِه، ولم يقل: إني أُغرِقه بمحض مشيئتي وإرادتي بلا سبب ولا ذنب!!
وقد ضَمِنَ سبحانه زيادةَ الهداية للمجاهدين في سبيله ولم يُخبر أن