للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالي: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٩٧)[يونس: ٩٦ - ٩٧].

وقال: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيهِمْ كُلَّ شَيءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١١١].

والعاقل المؤيد بالتوفيق يعتبر بدون هذا ويُتمِّم نقائصَ خِلقته بفضائل أخلاقه وأعماله؛ فكلما امتَحِىَ من جُثمانه أثرٌ زاد في إيمانه أثرٌ، وكلما نقص من قوى بدنه زاد في قوة إيمانه ويقينه ورغبته في الله والدار الآخرة.

وإن لم يكن هكذا فالموت خيرٌ له؛ لأنه يقف به على حد معين من الألم والفساد؛ بخلاف العيوب والنقائص مع طول العمر؛ فإنها زيادةٌ في ألمه وهمه وغمه وحسرته، وإنما حَسُنَ طول العمر ونفعَ ليحصل التذكر والاستدراك واغتنام الفرص والتوبة النصوح؛ كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ﴾ [فاطر: ٣٧].

فمن لم يُورِثه التعميرُ وطول البقاء إصلاحَ معايبه وتداركَ فارطه واغتنامَ بقية أنفاسه؛ فيعمل على حياة قلبه وحصول النعيم المقيم، وإلَّا فلا خيرَ له في حياته، فإن العبد على جناح سفر إما إلى الجنة وإما إلى النار؛ فإذا طال عمره وحسُنَ عمله كان طول سفره زيادةً له في حصول النعيم واللَّذَّة؛ فإنه كلما طال السفر إليها كانت الصبابة أجل وأفضل، وإذا طال عمره وساء عمله كان طول سفره زيادةً في ألمه وعذابه ونزولًا له إلى أسفل؛ فالمسافرُ إما صاعدٌ وإما نازلٌ.

وفي الحديث المرفوع: "خيركم من طال عمرُه وحسُنَ عملُه،

<<  <  ج: ص:  >  >>