للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِجادًا، فقطعَهُ لسفرِ الوصل نصفين؛ اتَّزرَ بأحدِهِما وارتدى بالآخر، فلما نَادى صائحُ الجهاد؛ قنِعَ أن يكون في ساقةِ الأحباب، والمحبُّ لا يرى طولَ الطريق؛ لأنَّ المقصودَ يُعينُهُ.

ألا بَلَّغَ اللَّهُ الحِمى مَنْ يُريدُهُ … وبَلَّغَ أكْنافَ الحِمى مَنْ يُريدُها (١)

فلما قضى نَحْبَهُ نزل الرسولُ يُمهِّدُ له لَحْدَهُ، وجعل يقولُ: "اللهمَّ! إنِّي أمْسَيتُ عنهُ راضيًا؛ فارْضَ عنْهُ" (٢). فصاحَ ابنُ مسعودٍ: يا ليتني كنتُ صاحبَ القبرِ.

فيا مُخَنَّثَ العزم! أقلُّ ما في الرقعةِ البَيْذَقُ، فلمَّا نَهَضَ تفَرْزَن (٣).

• رأى بعضُ الحكماءِ بِرْذَوْنًا يُسْقَى عليه، فقال: لو هَمْلَجَ هذا لَرُكِبَ.

[متى همَّتْ] (٤) أقدامُ العزم بالسُّلوكِ انْدَفَع من بينِ أيديها سدُّ القواطع.

• القواطعُ مِحَنٌ يتبيَّنُ بها الصادقُ من الكاذبِ؛ فإذا خُضْتَها انقلبتْ أعوانًا لك توصِلُك إلى المقصودِ.


(١) البيت بلا نسبة في المدهش (ص ١٧٧).
(٢) أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (٤/ ٢٣٥) وأبو نعيم في الحلية (١/ ١٢٢)، وإسناده منقطع. وله طرق أخرى ذكرها الحافظ في الإصابة (٢/ ٣٣٨) يشدّ بعضها بعضًا.
(٣) البيذق بمنزلة الجندي في حجارة الشطرنج، والفرزن بمنزلة الوزير. والمراد أن من اجتهد في الطلب أدرك المقصود.
(٤) الزيادة من المدهش (ص ١٧٦)، وبها يستقيم الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>