وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: إذَا أَخَذَ الْمَكَّاسُ مِنْ إنْسَانٍ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِ الْمَكْسِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ قَدْرَ دِرْهَمِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُخْتَلَطِ. لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُمْ.
وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ: لَوْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَلَالٌ بِدَرَاهِمَ حَرَامٍ. وَلَمْ يَتَمَيَّز فَطَرِيقُهُ: أَنْ يَعْزِلَ قَدْرَ الْحَرَامِ بِنِيَّةِ الْقِسْمَةِ. وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي، وَاَلَّذِي عَزَلَهُ إنْ عَلِمَ صَاحِبَهُ سَلَّمَهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ، وَذَكَر مِثْلَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا، وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ عَلَى مِثْلِهِ فِيمَا إذَا غَصَبَ زَيْتًا أَوْ حِنْطَةً. وَخَلَطَ بِمِثْلِهِ، قَالُوا: يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الْمُخْتَلَطِ قَدْرَ حَقِّهِ. وَيَحِلُّ الْبَاقِي لِلْغَاصِبِ.
قَالَ: فَأَمَّا مَا يَقُولُهُ الْعَوَامُّ: إنَّ اخْتِلَاطَ مَاله بِغَيْرِهِ يُحَرِّمهُ، فَبَاطِلٌ، لَا أَصْلَ لَهُ.
وَمِنْهَا: لَوْ انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَوْق الْعَادَةِ، وَجَاوَزَ الْحَشَفَة أَوْ الصَّفْحَةَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِي الْحَجْرَ فِي غَيْرِ الْمُجَاوِز أَيْضًا.
وَمِنْهَا: لَوْ تَلَفَّظَ الْجُنُبُ بِالْقُرْآنِ. بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ مَعًا: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ.
وَمِنْهَا: لَوْ وَقَفَ جُزْءًا مِنْ أَرْضٍ مُشَاعًا مَسْجِدًا: صَحَّ. وَوَجَبَ الْقِسْمَةُ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِلْجُنُبِ الْمُكْثَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَلَا الِاعْتِكَافَ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ فِي الْجَانِبَيْنِ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ رَمَى الصَّيْدَ فَوَقَعَ بِأَرْضٍ، أَوْ جَبَلٍ، ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ، حَرُمَ لِحُصُولِ الْمَوْتِ بِالسَّهْمِ وَالسَّقْطَةِ.
وَخَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَة فُرُوعٌ: مِنْهَا: الِاجْتِهَادُ فِي الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ، وَالثَّوْبِ الْمَنْسُوخِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ يَحِلُّ إنْ كَانَ الْحَرِيرُ أَقَلَّ وَزْنًا، وَكَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الْأَصَحّ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ وَزْنًا.
وَنَظِيرُهُ: التَّفْسِيرُ، يَجُوزُ مَسُّهُ لِلْمُحْدِثِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَكَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الْأَصَحِّ، إلَّا إنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ.
وَمِنْهَا: لَوْ رَمَى سَهْمَا إلَى طَائِرٍ فَجَرَحَهُ، وَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَإِنْ أَمْكَنَ إحَالَةَ الْمَوْتِ عَلَى الْوُقُوعِ عَلَى الْأَرْضِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَعُفِيَ عَنْهُ.
وَمِنْهَا: مُعَامَلَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إذَا لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ لَا يَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ، لَكِنْ يُكْرَهُ وَكَذَا الْأَخْذُ مِنْ عَطَايَا السُّلْطَانِ إذَا غَلَبَ الْحَرَامُ فِي يَدِهِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ الْكَرَاهَةُ، لَا التَّحْرِيمُ، خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ.
وَمِنْهَا: لَوْ اعْتَلَفَتْ الشَّاةُ عَلَفًا حَرَامًا لَمْ يُحَرَّمْ لَبَنهَا وَلَحْمُهَا، وَلَكِنَّ تَرْكَهُ أَوَرَعُ. نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْغَزَالِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مُسْتَهْلَكًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ ; فَلَوْ أَكَل الْمُحْرِمُ شَيْئًا قَدْ اسْتَهْلَكَ فِيهِ