فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَرَّمْتُك: فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا: أَوْ نَوَى عَدَدًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ: أَوْ نَوَى الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ: وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا فَهَلْ يَكُونُ طَلَاقًا لِقُوَّتِهِ، أَوْ ظِهَارًا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، أَوْ يَتَخَيَّرُ، وَيَثْبُتُ مَا اخْتَارَهُ؟ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا الثَّالِثُ.
وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ. قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: إنْ أَرَادَ الظِّهَارَ، ثَمَّ أَرَادَ الطَّلَاقَ صَحَّا: وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ أَوَّلًا، فَإِنْ كَانَ بَائِنًا، فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَالظِّهَارُ مَوْقُوفٌ، إنْ رَاجَعَهَا، فَهُوَ صَحِيحٌ. وَالرَّجْعَةُ: عَوْدٌ، وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا التَّفْصِيلُ فَاسِدٌ عِنْدِي ; لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ: إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ. لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ بِإِرَادَتِهِمَا مَعًا، أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ.
كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ. وَالرَّاجِحُ مَقَالَةُ أَبِي عَلِيٍّ، لِإِطْلَاقِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمِنْهَاجِ: التَّخْيِيرَ. وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا، أَوْ فَرْجِهَا، أَوْ وَطْئِهَا. لَمْ تَحْرُمْ. وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ; كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فِي الْأَظْهَرِ فَلَفْظُ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " صَرِيحٌ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ.
وَلَوْ قَالَ هَذَا اللَّفْظَ لِأَمَتِهِ، وَنَوَى الْعِتْقَ: عَتَقَتْ، أَوْ الطَّلَاقَ، أَوْ الظِّهَارَ فَلَغْوٌ، أَوْ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا، لَمْ تَحْرُمْ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ كَانَتْ مَحْرَمًا، فَلَا كَفَّارَةَ، أَوْ مُعْتَدَّةً، أَوْ مُرْتَدَّةً، أَوْ مَجُوسِيَّةً، أَوْ مُزَوَّجَةً، أَوْ الزَّوْجَةُ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ، أَوْ مُحَرَّمَةً، فَوَجْهَانِ ; لِأَنَّهَا مَحَلُّ الِاسْتِبَاحَةِ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ: أَوْ صَائِمَةً: وَجَبَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهَا عَوَارِضُ، أَوْ رَجْعِيَّةً فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ، أَوْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ فَلَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَلَا غَيْرَهَا.
[صَرَائِح الرَّجْعَة وَكِنَايَاتهَا]
الرَّجْعَةُ:
صَرَائِحُهَا: رَجَعْتُك، وَارْتَجَعْتُك، وَرَاجَعْتُك، وَكَذَا أَمْسَكْتُك، وَرَدَدْتُك فِي الْأَصَحِّ. وَتَزَوَّجْتُك وَنَكَحْتُك: كِنَايَتَانِ. وَقِيلَ: صَرِيحَانِ: وَقِيلَ: لَغْوٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute