الصَّلَوَاتِ الْجَهْرِيَّةِ، إذَا قُضِيَتْ حَتَّى يُجْهَرَ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ إنْ قُضِيَتْ لَيْلًا، أَوْ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ، وَيَكُونُ الْأَوَّلُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَنْ قَضَى فَائِتَةَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، فَفِي الْجَهْرِ فِيهِ وَجْهَانِ.
وَالثَّانِي مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَنْ قَضَى فَائِتَةَ النَّهَارِ بِالنَّهَارِ، يُسِرُّ بِلَا خِلَافٍ ; وَحَتَّى يُسِرُّ عَلَى الصَّحِيحِ إنْ قَضَاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَنْ قَضَى فَائِتَةَ النَّهَارِ بِالنَّهَارِ يُسِرُّ، بِلَا خِلَافٍ. وَقَدْ عَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَوْضَحَ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، فَقَالَ: صَلَاةُ الصُّبْحِ وَإِنْ كَانَتْ نَهَارِيَّةً، فَلَهَا فِي الْقَضَاءِ فِي الْجَهْرِ حُكْمُ اللَّيْلِيَّةِ، وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: بِأَنَّ الصُّبْحَ إذَا قُضِيَتْ نَهَارًا تُقْضَى سِرًّا عَلَى الصَّحِيحِ، فَوَضَّحَ بِهَذَا مَا قَرَّرَ بِهِ كَلَامَ الرَّوْضَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلِوَقْتِهَا فِي الْجَهْرِ. حَتَّى يَجْهَرَ بِلَا خِلَافٍ إذَا قَضَى فِيهِ: الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَنْ قَضَى فَائِتَةَ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ، يُسِرُّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَضَى فِيهَا الصُّبْحَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَتَّى يَجْهَرَ عَلَى الصَّحِيحِ إذَا قَضَى فِيهِ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: إذَا قَضَى فَائِتَةَ النَّهَارِ، يُسِرُّ بِلَا خِلَافٍ.
[قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَفَاتَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ اسْتِدْرَاكًا لِمَصْلَحَتِهِ]
ِ إلَّا فِي صُوَرٍ: مِنْهَا: مَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ، فَإِنَّهُ إذَا فَاتَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَا يُتَصَوَّرُ قَضَاؤُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ. وَمِنْهَا: نَفَقَةُ الْقَرِيبِ إذَا فَاتَتْ، لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا. وَمِنْهَا: إذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا، فَأَخَّرَ وَاحِدَةً، فَصَلَّاهَا فِي آخِرِ الْوَقْتِ. وَمِنْهَا: إذَا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَاضِلِ مِنْ قُوتِهِ كُلُّ يَوْمٍ، فَأَتْلَفَ الْفَاضِلَ فِي يَوْمٍ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْفَاضِلَ عَنْ قُوتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَقُّ التَّصَدُّقِ بِهِ بِالنَّذْرِ، لَا بِالْغُرْمِ.
وَمِنْهَا: إذَا نَذَرَ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ، فَمَلَكَ عَبِيدًا، وَأَخَّرَ عِتْقَهُمْ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِهِ ; لِأَنَّهُمْ انْتَقَلُوا إلَى وَرَثَتِهِ. وَمِنْهَا: إذَا نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ عُمُرِهِ، فَفَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. وَمِنْهَا: إذَا دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَقُلْنَا بِوُجُوبِهِ، فَلَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ ; لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ، كَانَ الثَّانِي وَاجِبًا بِالشَّرْعِ لَا بِالْقَضَاءِ. وَمِنْهَا: رَدُّ السَّلَامِ إذَا تَرَكَهُ، لَا يَقْضِي وَلَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ.
وَمِنْهَا: الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ لَا قَضَاءَ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute