وَالتَّعْرِيضُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ، مَا أَحْسَنَ اسْمَك فِي الْجِيرَانِ مَا أَنَا ابْنُ خَبَّازٍ وَلَا إسْكَافٍ، فَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ وَإِنْ نَوَى بِهِ الْقَذْفَ ; لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيَّ، وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا اللَّفْظِ، وَلَا احْتِمَالَ وَمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مُسْتَنَدُهُ: قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ. وَفِي وَجْهٍ: أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِحُصُولِ الْفَهْمِ وَالْإِيذَاءِ.
ضَابِطٌ:
قَالَ الْحَلِيمِيُّ: كُلُّ مَا حُرِّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ لِعَيْنِهِ، فَالتَّعْرِيضُ بِهِ حَرَامٌ كَالْكُفْرِ وَالْقَذْفِ. وَمَا حَلَّ التَّصْرِيحُ بِهِ أَوْ حُرِّمَ، لَا لِعَيْنِهِ. بَلْ لِعَارِضٍ، فَالتَّعْرِيضُ بِهِ جَائِزٌ، كَخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ.
[صَرَائِح الْعِتْقِ]
الْعِتْقُ صَرِيحُهُ: التَّحْرِيرُ وَالْإِعْتَاقُ. نَحْوُ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك، أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ أَعْتَقْتُك، وَكَذَا فَكُّ الرَّقَبَةِ فِي الْأَصَحِّ. وَالْكِنَايَاتُ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، لَا سَبِيلَ، لَا سُلْطَانَ، لَا يَدَ، لَا أَمْرَ لَا خِدْمَةَ، أَزَلْت مِلْكِي عَنْك، حَرَّمْتُك، أَنْتِ سَائِبَةٌ أَنْتِ بَتَّةٌ أَنْتِ لِلَّهِ، وَهَبْتُك نَفْسِي وَكُلُّ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ: كِنَايَاتٌ فِيهِ وَكَذَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي الْأَصَحِّ، فَرْعَانِ:
الْأَوَّلُ: لَا أَثَرَ لِلْخَطَأِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ، فَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ زَانٍ أَوْ زَنَيْت أَوْ لَهُ، أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ زَانِيَةٌ، أَوْ زَنَيْت فَهُوَ صَرِيحٌ.
الثَّانِي: لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ ابْنِي - وَمِثْلُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُ - ثَبَتَ نَسَبُهُ وَعَتَقَ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ بَالِغًا وَصَدَّقَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ عَتَقَ أَيْضًا وَلَا نَسَبَ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ ابْنَهُ - بِأَنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُ، عَلَى حَدٍّ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ ابْنَهُ - لَغَا قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتِقْ ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَالًا.
فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَلْحَقْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute