وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ صَرِيحٌ ; لِأَنَّ السُّؤَالَ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: طَلَّقْتهَا وَحِينَئِذٍ: لَا يَقْدَحُ كَوْنُهُ صَرِيحًا فِي حَصْرِهِمْ أَلْفَاظَ الصَّرِيح فِي الطَّلَاقِ، وَالْفِرَاقِ، وَالسَّرَاحِ، وَلَوْ قَالَتْ: أَبِنِّي بِأَلْفٍ، فَقَالَ: أَبَنْتُكِ وَنَوَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ دُونَهَا، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ ; لِأَنَّ كَلَامَهُ جَوَابٌ عَلَى سُؤَالِهَا، فَكَأَنَّ السُّؤَالَ مُعَادٌ فِي الْجَوَاب، وَهِيَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا الْقَبُولُ لِعَدَمِ نِيَّة الْفِرَاق، وَهُوَ إنَّمَا رَضِيَ بِعِوَضٍ. وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا. وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى ابْتِدَاءِ خِطَابٍ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ، وَرَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ.
وَمِنْ فُرُوع الْقَاعِدَةِ: مَسَائِلُ الْإِقْرَار كُلِّهَا.
إذَا قَالَ: لِي عَنْدك كَذَا ; فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ لَيْسَ عَلَيْك كَذَا، فَقَالَ أَجَلْ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَهُوَ إقْرَارٌ بِمَا سَأَلَهُ عَنْهُ.
وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك مِائَةٌ، فَقَالَ: إلَّا دِرْهَمًا، فَفِي كَوْنِهِ مُقِرًّا بِمَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ ; لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَفْهُومِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: لَا يُنْسَبُ لِلسَّاكِتِ قَوْلٌ]
ٌ " هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِهَذَا لَوْ سَكَتَ عَنْ وَطْءِ أَمَتِهِ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَطْعًا، أَوْ عَنْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْهُ، أَوْ إتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ، بِلَا خِلَافٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ فِي ذَلِكَ.
وَلَوْ سَكَتَتْ الثَّيِّبُ عِنْدَ الِاسْتِئْذَان فِي النِّكَاحِ. لَمْ يَقُمْ مَقَامَ الْإِذْنِ قَطْعًا.
وَلَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِوَطْءِ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْخِيَارِ. لَا يَكُونُ إجَازَةً فِي الْأَصَحِّ.
وَلَوْ حُمِلَ مِنْ مَجْلِس الْخِيَارِ، وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْكَلَامِ. لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَة صُوَرٌ: مِنْهَا: الْبِكْرُ سُكُوتُهَا فِي النِّكَاحِ إذْنٌ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ قَطْعًا، وَلِسَائِرِ الْعَصَبَةِ وَالْحَاكِمِ فِي الْأَصَحّ.
وَمِنْهَا سُكُوتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْجَوَابِ، بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، يَجْعَلُهُ كَالْمُنْكِرِ النَّاكِلِ. وَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي.
وَمِنْهَا: لَوْ نَقَضَ بَعْضُ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ، وَلَا فِعْلٍ، بَلْ سَكَتُوا انْتَقَضَ فِيهِمْ أَيْضًا.