للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ. كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ قَالَ: وَإِنْ كَلِمَةُ مَجْنُونًا فَفِيهِ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْجَاهِل وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ سَكْرَانَ، حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ، إلَّا إذَا انْتَهَى إلَى السُّكْر الطَّافِحِ: هَذِهِ عِبَارَتُهُ.

وَلَوْ قَرَأَ حَيَوَانٌ آيَةَ سَجْدَةٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ لِقِرَاءَتِهِ، وَلِقِرَاءَةِ النَّائِمِ وَالسَّاهِي أَيْضًا.

وَمِنْ ذَلِكَ: الْمُنَادَى النَّكِرَةُ إنْ قَصَدَ نِدَاءَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ تَعَرَّفَ، وَوَجَبَ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّمِّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ، لَمْ يَتَعَرَّفْ، وَأُعْرِبَ بِالنَّصْبِ.

وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْمُنَادَى الْمُنَوَّنُ لِلضَّرُورَةِ يَجُوزُ تَنْوِينُهُ بِالنَّصْبِ وَالضَّمِّ فَإِنْ نُوِّنَ بِالضَّمِّ جَازَ ضَمُّ نَعْتِهِ وَنَصْبُهُ، أَوْ بِالنَّصْبِ تَعَيَّنَ نَصْبُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمَنْصُوبٍ لَفْظًا وَمَحَلًّا فَإِنْ نُوِّنَ مَقْصُورٌ نَحْوُ " يَا فَتًى " بُنِيَ النَّعْتُ عَلَى مَا نُوِيَ فِي الْمُنَادَى فَإِنْ نُوِيَ فِيهِ الضَّمّ جَازَ الْأَمْرَانِ، أَوْ النَّصْبُ تَعَيَّنَ. ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَبُو حَيَّانَ فِي كِتَابَيْهِ: الِارْتِشَافِ، وَشَرْحِ التَّسْهِيلِ.

وَمِنْ ذَلِكَ: قَالُوا: مَا جَازَ إعْرَابُهُ بَيَانًا جَازَ إعْرَابُهُ بَدَلًا وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ: بِأَنَّ الْبَدَلَ فِي نِيَّةِ سُقُوطِ الْأَوَّلِ وَالْبَيَانُ بِخِلَافِهِ: فَكَيْفَ تَجْتَمِعُ نِيَّةُ سُقُوطِهِ وَتَرْكُهَا فِي تَرْكِيبٍ وَاحِدٍ؟ فَأَجَابَ رَضِيُّ الدِّينِ الشَّاطِبِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ، فَإِنْ قَصَدَ سُقُوطَهُ وَإِحْلَالَ التَّابِعِ مَحِلَّهُ، أُعْرِبَ بَدَلًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، أُعْرِبَ بَيَانًا.

وَمِنْ ذَلِكَ: الْعَلَمُ الْمَنْقُولُ مِنْ صِفَةٍ، إنْ قُصِدَ بِهِ لَمْحُ الصِّفَةِ الْمَنْقُولِ مِنْهَا، أُدْخِلَ فِيهِ " أَلْ " وَإِلَّا فَلَا.

وَفُرُوعُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، بَلْ أَكْثَرُ مَسَائِلِ عِلْمِ النَّحْوِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَصْدِ.

وَتَجْرِي أَيْضًا هَذِهِ الْقَاعِدَة فِي الْعَرُوضِ فَإِنَّ الشِّعْرَ عِنْدَ أَهْلِهِ: كَلَامٌ مَوْزُونٌ مَقْصُودٌ بِهِ ذَلِكَ: أَمَّا مَا يَقَعُ مَوْزُونًا اتِّفَاقًا، لَا عَنْ قَصْدٍ مِنْ الْمُتَكَلِّم، فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى شِعْرًا، وَعَلَى ذَلِكَ خَرَجَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] أَوْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ: «- هَلْ أَنْتِ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيَتْ - وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ» .

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: الْيَقِينُ لَا يُزَالُ بِالشَّكِّ]

ِّ وَدَلِيلُهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ، أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِد حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن زَيْدٍ قَالَ " شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ «: لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ

<<  <   >  >>