وَمِنْ فُرُوعِهِ مَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ: لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِزَيْدٍ شَرَبَاتِ نُحَاسٍ، لَمْ يَصِحّ لِأَنَّ الشَّرَبَاتِ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ لَا سَلَمًا ; لِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا وَلَا بَدَلَ مُتْلَفٍ ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ.
[بَابُ الْعَارِيَّةِ]
ِ قَاعِدَةٌ:
لَا تَجِبُ الْإِعَارَةُ، إلَّا حَيْثُ تَعَيَّنَتْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ، كَدَفْنِ مَيِّتٍ حَيْثُ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْجَارُ جَزْمًا، وَفِي وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَى الْقَدِيمِ، وَفِي كِتَابٍ كُتِبَ عَلَيْهِ سَمَاعٌ آخَرُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ عَلَى رَأْيِ الزُّبَيْرِيِّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ فِي كِتَابَيْهِمَا فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ.
قَاعِدَةٌ:
الْعَارِيَّةُ: لَا تَلْزَمُ إلَّا فِي صُوَرٍ: إحْدَاهَا: أَنْ يُعِيرَ لِدَفْنٍ وَيُدْفَنُ، فَلَا تَرْجِعَ حَتَّى يَنْدَرِسَ.
الثَّانِيَةُ: إذَا كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى مُلْكِهِ، كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَهُوَ عَارِيَّةٌ لَازِمَةٌ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ
الثَّالِثَةُ: قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي لِزَيْدٍ شَهْرًا، لَيْسَ لِلْوَارِثِ الرُّجُوعُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.
الرَّابِعَةُ: أَعَارَهُ سَفِينَةً، فَوَضَعَ فِيهَا مَالًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ مَا دَامَتْ فِي الْبَحْرِ.
الْخَامِسَةُ: أَعَارَهُ لِوَضْعِ الْجُذُوعِ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَأْيٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْن التَّبْقِيَةِ بِأَجْرِهِ وَالْقَلْعِ مَعَ ضَمَانِ النَّقْصِ.
الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ; إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: إذَا أَحْرَمَ وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ، وَقُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ فَأَعَارَهُ ; لَمْ يَضْمَنْهُ مُسْتَعِيرُهُ ذَكَرَهَا الرُّويَانِيُّ فِي الْفُرُوقِ. وَإِذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ، فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ. وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَضْمَنُ، وَهُوَ نَائِبٌ عَنْهُ.
ضَابِطٌ:
لَيْسَ لَنَا عَارِيَّةُ عَيْنٍ لِعَيْنٍ، إلَّا فِي إعَارَةِ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ قَطْعًا، وَالشَّاةِ لِأَخْذِ لَبَنِهَا. وَالشَّجَرَةُ لِأَخْذِ ثَمَرَتِهَا، عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَمَنْ تَبِعَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute