للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْوَاجِبُ لَا يُتْرَكُ إلَّا لِوَاجِبٍ]

ٍ " وَعَبَّرَ عَنْهَا قَوْمٌ بِقَوْلِهِمْ: " الْوَاجِبُ لَا يُتْرَكُ لِسُنَّةٍ " وَقَوْمٌ بِقَوْلِهِمْ " مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا يُتْرَكُ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ " وَقَوْمٌ بِقَوْلِهِمْ " جَوَازُ مَا لَوْ لَمْ يُشْرَعْ لَمْ يَجُزْ. دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبه "، وَقَوْمٌ بِقَوْلِهِمْ " مَا كَانَ مَمْنُوعًا إذَا جَازَ وَجَبَ ".

وَفِيهَا فُرُوعٌ: مِنْهَا: قَطْعُ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ، لَوْ لَمْ يَجِبْ لَكَانَ حَرَامًا.

وَمِنْهَا: إقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى ذَوِي الْجَرَائِم.

وَمِنْهَا: وُجُوبُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ.

وَمِنْهَا: الْخِتَانُ، لَوْ لَمْ يَجِبْ لَكَانَ حَرَامًا لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ عُضْوٍ وَكَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَالنَّظَرِ إلَيْهَا.

وَمِنْهَا: الْعَوْدُ مِنْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ إلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، يَجِبُ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ ; لِأَنَّهُ تَرْكُ فَرْضٍ لِسُنَّةٍ وَكَذَا الْعَوْدُ إلَى الْقُنُوتِ.

وَمِنْهَا: التَّنَحْنُحُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ حَرْفَانِ، إنْ كَانَ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ فَعُذْرٌ ; لِأَنَّهُ لِوَاجِبٍ أَوْ لِلْجَهْرِ فَلَا ; لِأَنَّهُ سُنَّةٌ.

وَخَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ صُوَرٌ:

مِنْهَا: سُجُودُ السَّهْو، وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ. لَا يَجِبَانِ، وَلَوْ لَمْ يُشْرَعَا لَمْ يَجُوزَا.

وَمِنْهَا: النَّظَرُ إلَى الْمَخْطُوبَةِ، لَا يَجِبُ، وَلَوْ لَمْ يُشْرَعْ، لَمْ يَجُزْ.

وَمِنْهَا: الْكِتَابَةُ لَا تَجِبُ إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ الْكَسُوبُ، وَقَدْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ قَبْلَهَا مَمْنُوعَةً لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يُعَامِلُ عَبْدَهُ.

وَمِنْهَا: رَفْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى التَّوَالِي فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ.

وَمِنْهَا: قَتْلُ الْحَيَّةِ فِي الصَّلَاةِ: لَا يَجِبُ، وَلَوْ لَمْ يُشْرَعْ لَكَانَ مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ.

وَمِنْهَا: زِيَادَةُ رُكُوعٍ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ: لَا يَجِبُ، وَلَوْ لَمْ يُشْرَعْ لَمْ يَجُزْ. وَمِنْ الْمُشْكِل هُنَا قَوْلُ الْمِنْهَاجِ: وَلَا يَجُوزُ زِيَادَة رُكُوعٍ ثَالِثٍ، لِتَمَادِي الْكُسُوفِ، وَلَا نَقْصُهُ لِلِانْجِلَاءِ، فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِوُجُوبِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ صَحَّتْ، وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ.

وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيِّ، بِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ نَوَى فِي الْإِحْرَامِ أَدَاءَهَا عَلَى تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّغْيِيرُ.

<<  <   >  >>