قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي نَقَلَاهُ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا: يَظْهَرُ أَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، فَهُوَ الضَّارُّ وَإِلَّا فَهُوَ الَّذِي يُغْتَفَرُ كَقَوْلِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَيَا فُلَانُ فَلْيُحْمَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْفَصْلِ الْيَسِيرِ بِنَحْوِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَيَا فُلَانُ لَا عَلَى مُطْلَقِ الْفَصْلِ الْيَسِيرِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ: الضَّابِطُ فِي التَّخَلُّلِ الْمُضِرِّ فِي الْأَبْوَابِ: أَنْ يَعُدَّ الثَّانِيَ مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَوَّلِ وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ فَرُبَّ بَابٍ يُطْلَبُ فِيهِ مِنْ الِاتِّصَالِ مَا لَا يُطْلَبُ فِي غَيْرِهِ وَبِاخْتِلَافِ الْمُتَخَلِّلِ نَفْسِهِ فَقَدْ يُغْتَفَرُ مِنْ السُّكُوتِ مَا لَا يُغْتَفَرُ مِنْ الْكَلَامِ وَمِنْ الْكَلَامِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَقْدِ مَا لَا يُغْتَفَرُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَمِنْ الْمُتَخَلِّلِ بِعُذْرٍ مَا لَا يُغْتَفَرُ مِنْ غَيْرِهِ فَصَارَتْ مَرَاتِبَ أَقْطَعُهَا لِلِاتِّصَالِ: كَلَامٌ كَثِيرٌ أَجْنَبِيٌّ وَأَبْعَدُهَا عَنْهُ: سُكُوتٌ يَسِيرٌ لِعُذْرٍ. وَبَيْنَهُمَا مَرَاتِبُ لَا تَخْفَى.
تَنْبِيهٌ:
مِنْ الْمُشْكِلِ هُنَا: مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْوَلِيِّ إذَا وَهَبَ الصَّبِيَّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْبَلُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَبِلَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ. قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ: فَهَذَا فَصْلٌ طَوِيلٌ فَلِمَاذَا يُغْتَفَرُ؟ وَأَيْضًا: فَالْإِيجَابُ صَدَرَ، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْقَبُولِ قَالَ: وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَبُولِ إيجَابٍ مُتَجَدِّدٍ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ لَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ.
[الْقَوْلُ فِي فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَسُنَنِهَا]
. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: فُرُوضُ الْكِفَايَةِ أُمُورٌ كُلِّيَّةٌ، تَتَعَلَّقُ بِهَا مَصَالِحُ دِينِيَّةٌ، أَوْ دُنْيَوِيَّةٌ لَا يَنْتَظِمُ الْأَمْرُ إلَّا بِحُصُولِهَا فَطَلَبَ الشَّارِعُ تَحْصِيلَهَا لَا تَكْلِيفَ وَاحِدٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ، وَإِذَا قَامَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ أَوْ أَزْيَدُ عَلَى مَنْ يَسْقُطُ بِهِ، فَالْكُلُّ فَرْضٌ إنْ تَعَطَّلَ أَثِمَ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ بِهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ يَلِيقُ بِهِ الْبَحْثُ وَالْمُرَاقَبَةُ وَيَخْتَلِفُ بِكِبَرِ الْبَلَدِ، وَقَدْ يَنْتَهِي خَبَرُهُ إلَى سَائِرِ الْبِلَادِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلِلْقَائِمِ بِهِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْقَائِمِ بِالْعَيْنِ ; لِإِسْقَاطِ الْحَرَجِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِهِ وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَوَالِدُهُ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ: أَنَّهُ أَفْضَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute