[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ: إذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَقْصُودُهُمَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ غَالِبًا]
فَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ حَدَثٌ وَجَنَابَةٌ، كَفَى الْغُسْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ جَنَابَةٌ وَحَيْضٌ، وَلَوْ بَاشَرَ الْمُحْرِمُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ.
فَلَوْ جَامَعَ دَخَلَتْ فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، بِنَاءً عَلَى تَدَاخُلِ الْحَدَثِ فِي الْجَنَابَةِ.
وَلَوْ اجْتَمَعَ حَدَثٌ وَنَجَاسَةٌ حُكْمِيَّةٌ كَفَتْ لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْأَصَحِّ، عِنْدَ النَّوَوِيِّ. وَلَوْ جَامَعَ بِلَا حَائِل، فَعَنْ الْمَسْعُودِيِّ: أَنَّهُ لَا يُوجَبُ غَيْرُ الْجَنَابَةِ وَاللَّمْسِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ يَصِيرُ مَغْمُورًا بِهِ كَخُرُوجِ الْخَارِج الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ الْإِنْزَالُ.
وَالْأَكْثَرُونَ قَالُوا: يَحْصُلُ الْحَدَثَانِ ; لِأَنَّ اللَّمْسَ يَسْبِقُ حَقِيقَةَ الْجِمَاعِ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ فَإِنَّهُ مَعَ الْإِنْزَالِ.
وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَصَلَّى الْفَرْضَ دَخَلَتْ فِيهِ التَّحِيَّةُ، وَلَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ مُحْرِمًا، بِحَجِّ فَرْضٍ أَوْ عُمْرَةٍ. دَخَلَ فِيهِ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ. وَلَوْ طَافَ الْقَادِمُ عَنْ فَرْضٍ أَوْ نَذْرٍ، دَخَلَ فِيهِ طَوَافُ الْقُدُومِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، وَمَقْصُودُهُمَا مُخْتَلِفٌ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَوَجَدَهُمْ يُصَلُّونَ جَمَاعَةً فَصَلَّاهَا، فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ، وَهُوَ الطَّوَافُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ.
وَلَوْ صَلَّى: عَقِيبَ الطَّوَافِ فَرِيضَةً، حُسِبَتْ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ; اعْتِبَارًا بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيم، وَلَيْسَ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ.
وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ: لَمْ يَتَعَدَّدْ السُّجُودُ بِخِلَافِ جُبْرَانَاتِ الْإِحْرَام، لَا تَتَدَاخَلُ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِسُجُودِ السَّهْوِ رَغْم أَنْفِ الشَّيْطَانِ. وَقَدْ حَصَلَ بِالسَّجْدَتَيْنِ آخِرَ الصَّلَاةِ.
وَالْمَقْصُودُ بِجُبْرَانَاتِ الْإِحْرَامِ: جَبْرُ هَتْكِ الْحُرْمَةِ، فَلِكُلِّ هَتْكٍ جَبْرٌ فَاخْتَلَفَ الْمَقْصُودُ، وَلَوْ زَنَى بِكْرٌ، أَوْ شَرِبَ خَمْرًا، أَوْ سَرَقَ مِرَارًا ; كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَلْ يُقَالُ وَجَبَ لَهَا حُدُودٌ، ثُمَّ عَادَتْ إلَى حَدٍّ وَاحِدٍ، أَوْ لَمْ يَجِبْ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ ; وَجُعِلَتْ الزَّنَيَاتُ كَالْحَرَكَاتِ فِي زَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ؟ ذَكَرُوا فِيهِ احْتِمَالَيْنِ.
وَلَوْ زَنَى أَوْ شَرِبَ، فَأُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ. فَعَادَ إلَى الْجَرِيمَةِ، دَخَلَ الْبَاقِي فِي الْحَدِّ الثَّانِي، وَكَذَا لَوْ زَنَى فِي مُدَّةِ التَّغْرِيبِ. غُرِّبَ ثَانِيًا وَدَخَلَتْ فِيهِ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ.
وَلَوْ قَذَفَهُ مَرَّاتٍ: كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ زَنَى وَهُوَ ثَيِّبٌ، فَهَلْ يُكْتَفَى بِالرَّجْمِ؟ وَجْهَانِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ