وَاسْتَشْكَلَ عَلَى الْقَاعِدَةِ.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا إلَّا الْكَتَّانَ، فَقَعَدَ عُرْيَانًا، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ: أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَا الْكَتَّانَ، وَعَلَى إثْبَاتِ لُبْسِ الْكَتَّانِ وَمَا لَبِسَهُ، فَيَحْنَثُ وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: بِأَنَّ سَبَبَ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ الْأَيْمَانَ تَتْبَعُ الْمَنْقُولَاتِ، دُونَ الْأَوْضَاعِ اللُّغَوِيَّةِ، وَقَدْ انْتَقَلَتْ " إلَّا " فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَلْفِ إلَى مَعْنَى الصِّفَةِ. مِثْلُ " سَوَاءٌ " " وَغَيْرُ " فَيَصِيرُ مَعْنَى حَلْفِهِ: وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا غَيْرَ الْكَتَّانِ، وَلَا يَكُونُ الْكَتَّانُ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ، فَلَا يَضُرُّ تَرْكُهُ، وَلَا لُبْسُهُ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةٌ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً فَمَضَتْ وَلَمْ يُجَامِعْهَا أَصْلًا فَحَكَى ابْنُ كَجٍّ فِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ ; لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْي إثْبَاتٌ وَمُقْتَضَى يَمِينِهِ: أَنْ يُجَامِعَ مَرَّةً وَلَمْ يَفْعَلْ فَيَحْنَثُ.
وَالثَّانِي: لَا، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْيَمِينِ: أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ، فَرَجَعَ ذَلِكَ إلَى أَنَّ الْعُرْفَ يَجْعَلُ إلَّا بِمَعْنَى غَيْرٍ.
[الِاسْتِثْنَاءُ الْمُبْهَمُ فِي الْعُقُودِ بَاطِلٌ]
الثَّانِيَةُ: الِاسْتِثْنَاءُ الْمُبْهَمُ فِي الْعُقُودِ بَاطِلٌ وَمِنْ فُرُوعِهِ بِعْتُك الصُّبْرَةَ إلَّا صَاعًا، وَلَا يُعْلَمُ صِيعَانُهَا، وَبِعْتُك الْجَارِيَةَ إلَّا حَمْلَهَا، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ. أَمَّا الْأَقَارِيرُ، وَالطَّلَاقُ: فَيَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ. مِثْلُ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا شَيْئًا وَنِسَائِي طَوَالِقُ، إلَّا وَاحِدَةً مِنْهُنَّ ضَابِطٌ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ، يَصِحُّ أَنْ يُوصِي بِرَقَبَةِ عَيْنٍ لِرَجُلٍ، وَمَنْفَعَتُهَا لِآخَرَ.
[الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ]
الثَّالِثَةُ: الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ وَفُرُوعُهُ لَا تُحْصَى وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute